وفي حديث إلى "ليبانون ديبايت"، حذّر عيتاني من "مجزرة بيئية وصحية" تُحضَّر للمنطقة، داعيًا المعنيين إلى تحمّل مسؤولياتهم وإيقاف المشروع فورًا، "قبل أن يتحوّل الشمال إلى محرقة إسمنتية".
أراضٍ مخالفة ورفض شعبي واسع
وبحسب عيتاني، فإن الأراضي التي تسعى الشركات إلى الحصول على تراخيص لحفر المقالع فيها، تقع خارج خريطة المقالع والكسارات الرسمية رقم 1، وهي مصنّفة قانونًا كأراضي بناء، ما يجعل استخدامها كمقالع مخالفًا صريحًا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء.
وأضاف أن هذه الأراضي تحتوي على ينابيع مياه وسواقي ومجاري طبيعية، وهو ما تؤكّده أسماؤها الواردة في مراسيم استملاك رسمية خاصة بخزّانات مياه شفة وخطوط توتر عالٍ.
وتابع: "أي حديث عن ترخيص هذه المقالع يُشكّل تجاوزًا فاضحًا للقانون والمنطق، فالمياه الجوفية في الجرادي ومحيطها ليست ملكًا خاصًا لشركة، بل هي شريان حياة لأهالي القرى المجاورة".
كما أشار إلى "وجود إشارة من النيابة العامة المالية بشأن هذه العقارات، ما يُشكّل دليلًا إضافيًا على وجود مخالفات قانونية تحول دون السماح بإقامة المقالع عليها".
أما على المستوى الشعبي، فأكد رئيس اللجنة توقيع مئات المواطنين من أبناء كفرحزير وجوارها على عريضة تعترض على المشروع، إضافة إلى موقف صريح من بلدية كفرحزير، التي أصدرت قرارًا رسميًا برفض الترخيص ومنع إقامة المقالع على أراضيها.
"هولسيم" والعودة إلى سيناريو التدمير
ورغم كل هذه المعطيات، أشار عيتاني إلى أن شركة "هولسيم" (التي ورثت ترخيص الترابة الوطنية) تقدّمت مؤخرًا بطلب رسمي لحفر المقالع. واستغرب هذا الإصرار، قائلاً: "الجميع يعلم حجم الكارثة التي تسبّبت بها الشركة سابقًا في أراضي حي المجيدل، وكنيسة مار تقلا، وحرش كفرحزير، ووادي عين إيّقاش، حيث جُرِفت الجبال، وأُحرقت ملايين أطنان الفحم الحجري، وتغيّر مجرى نهر العصفور بالكامل بسبب المتفجّرات والمقالع".
وأضاف: "الترابة لم تترك حجرًا فوق حجر. والآن يريدون تكرار السيناريو نفسه في مناطق جديدة، متجاهلين الألم والضرر الذي ما زال سكان شكا والكورة يعانون منه حتى اليوم".
البديل القانوني والبيئي: استيراد الإسمنت بدل الحرق
وشدّد رئيس لجنة كفرحزير البيئية على ضرورة اتخاذ قرار حاسم من الجهات الرسمية، قائلاً: "ندعو إلى رفض ترخيص هذه المقالع بشكل قاطع، استنادًا إلى المخالفات القانونية والبيئية المحيطة بها، ولحماية صحة الناس ومستقبل المنطقة".
وأشار إلى أن البديل موجود، موضحًا أن شركات الترابة نفسها تستورد حاليًا مادة الكلينكر – أي الإسمنت الخام – من مصر منذ فترة، ما يُثبت أن "استيراد الإسمنت ليس أمرًا مستحيلًا أو مكلفًا كما يُحاول البعض الترويج له".
وختم عيتاني حديثه بتوجيه نداء إلى الوزراء المعنيين، خصوصًا أعضاء المجلس الوطني للمقالع والكسارات، قائلاً: "مواقف ممثليهم داخل المجلس قد تكون الفاصلة بين حياة الناس أو قتلهم بأوبئة صناعة الإسمنت. فإمّا أن يكونوا صوت البيئة والحق، وإمّا أن يكونوا شركاء في الجريمة".