المحلية

الخميس 24 تموز 2025 - 07:09

محاولة لإعادة “زين للاتصالات” رغم الدعوى القضائية… مسلسل تجاوزات بدر الخرافي يعيد نفسه

محاولة لإعادة “زين للاتصالات” رغم الدعوى القضائية… مسلسل تجاوزات بدر الخرافي يعيد نفسه

"ليبانون ديبايت"


تتجه الأنظار راهنًا إلى قطاع الاتصالات في ظل تأكيد الوزير شارل الحاج، أنه عازم على تغيير النظرة التقليدية للقطاع من “كونه مصدر جباية لخزينة الدولة، إلى المحرك الأساسي للاقتصاد اللبناني”. لكن على أرض الواقع، ثمّة علامات استفهام حول كيفية حصول هذا التحوّل، في ظل استمرار النهج نفسه في التعاطي مع القطاع منذ العام 2004، والذي حوّله إلى مرفق عام ينزف ببطء، ودجاجة تبيض ذهبًا لأصحاب الصفقات.


كيف ذلك؟


تجري حاليًا محاولات “رسمية” لإدخال “مجموعة زين الكويتية” إلى السوق اللبناني من جديد، ليُعاد السيناريو نفسه الذي سبق خروجها وأوراسكوم في العام 2020 من سوق الاتصالات اللبناني، الذي تحوّل خلال فترة إدارة الشركتين إلى قطاع منهك أشبه بمؤسسة كهرباء لبنان، إذ تولّت مجموعة “زين” إدارة شركة “تاتش” على مدى 16 عامًا.


ويمكن الاستدلال على ذلك من التصريح الأخير للوزير الحاج بعد لقائه نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمجموعة بدر الخرافي في نيسان الماضي، حيث زار لبنان والتقى رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام بالإضافة إلى الوزير الحاج. يومها نوّه الحاج “بالدور الذي لعبته شركة زين في قطاع الاتصالات اللبناني”، مستعرضًا أمام الخرافي رؤيته لتطوير قطاع الاتصالات، ولا سيما في ما يتعلق بالقانون 431، وخطة الوزارة لرفع كفاءة القطاع في السنوات المقبلة.


علمًا أن هناك دعوى جزائية مُقامة في القضاء اللبناني عام 2020 ضد ممثلي شركة “زين”، قُدّمت على خلفية شبهات فساد في عملية شراء مبنى “تاتش”، وأدّت إلى دفع 100 مليون دولار ثمنًا لمبنى تُقدّر قيمته بـ22 مليون دولار، وصدر قرار عن قضاء العجلة حينها يمنع فيه تبرئة ذمة شركة “زين” وأعضاء مجلس إدارتها ربطًا بالدعوى، ولم يُبت بها إلى الآن، بالرغم من خروجها من السوق، بسبب دفوع شكلية يتقدّم بها الوزيران المعنيّان بهذا الملف، جمال الجراح ومحمد شقير، واعتبارهما أن مجلس النواب هو الجهة الصالحة لمحاكمتهما.


أداء مريب!


يعتبر متابعون أن أداء الوزير الحاج في هذه القضية مريب، إذ دخل الوزارة رافعًا شعار الإصلاح وتطبيق خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، لكنه لم يحرّك ساكنًا تجاهها، علمًا أن نص الدعوى يُظهر أن الأفعال التي أدّت إلى استئجار ثم شراء المبنى، أسفرت عن ارتكاب أربع جرائم فساد خطيرة تخضع للقضاء العدلي الجزائي (بالإضافة إلى جرائم أخرى تخضع لديوان المحاسبة ولهيئة التفتيش المركزي، ومسؤوليات مدنية جسيمة على عاتق المدعى عليهم).


وفي حال أراد الوزير تطبيق الإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته، يمكنه الاستناد إلى تقرير ديوان المحاسبة في لبنان الصادر في نيسان 2022 (رقم 2/2022 أساس 114/2021)، الذي فنّد كافة التفاصيل المتعلقة بقطاع الاتصالات، وأظهر كيف هُدرت الأموال العامة بطريقة ممنهجة، حتى وصل الأمر إلى التهديد بانهيار قطاع الاتصالات إذا لم تُرفع أسعاره.


ففي ما يتعلق ببند الإيجارات (التي تتورّط فيها شركة زين)، أشار التقرير إلى أنه ازداد “الإنفاق على بدلات الإيجار بين 2012 و2018. والعناصر التي ساهمت في هذه الزيادة هي: غياب آلية مشاركة لمواقع الاتصال المستأجرة من قبل الشركتين، وغياب آلية تخطيط ودراسات لتحديد الحاجة، وأخيرًا التعاقد المزدوج (parallel contracting)”.


أما كلفة الإيجار بين عامي 2010 و2020 فقد بلغ إجمالي الإيجار المدفوع من MIC2 (التي كانت تديرها شركة زين) حوالي 168 مليون دولار، وإيجارات MIC2 حوالي 141 مليون دولار، من دون احتساب بدلات إيجار مبنى سوليدير.


على سبيل المثال، بعد استئجار البلوكين B وC من مبنى في العقار 1526 الباشورة بقيمة 6 ملايين و400 ألف دولار سنويًا، وتوقيع عقد بقيمة 22 مليون دولار لتجهيز المبنى، وبعد مرور عام على استئجاره، تقرّر بموجب كتاب وزير الاتصالات شراء البلوكين بقيمة 75 مليون دولار يُحسم منها إيجار السنة الأولى.


وخلص التقرير إلى أنه “لم تخضع كافة العقود المذكورة للرقابة الإدارية المسبقة، كما أن كافة المبالغ التي دُفعت وستُدفع سوف تتكبّدها الخزينة العامة بشكل من الأشكال، وبالتالي فإن التفرد في إلزام الدولة بها، بمعزل عن أي رقابة تُذكر، يشكّل مخالفة صارخة للأحكام القانونية، وهدراً للمال العام في ضوء عدم اعتماد خيارات أخرى أقل كلفة في ظل الأزمة الحالية”.


عودة إلى الوراء!


يشير المتابعون إلى أن الوزير الحاج يريد الإتيان بشركات تدير القطاع على غرار ما حصل في العام 2004، بدلًا من تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (الإصلاحات المطلوبة)، ما يعني حرمان لبنان من وضع خدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية على سكّة التطوير، لتكبير حجم الاقتصاد عمومًا والاقتصاد الرقمي خصوصًا، ومعاقبة المشتركين في هذه الخدمة عبر فرض أسعار مرتفعة جدًا مقابل أسوأ الخدمات.


وهو ما تُبيّنه دراسات عدّة، يحلّ فيها لبنان في أدنى مرتبات التنافسية نتيجة ارتفاع أسعار الاتصالات ومحدودية المنتجات المقدّمة. علمًا أن هذا القطاع يستطيع أن يتوسّع في ظل وضع اقتصادي ومالي سليم، وصولًا إلى تحقيق إيرادات تتراوح بين 4 و6 مليارات دولار سنويًا إذا فُتِح أمام المزيد من المنافسة والابتكار، وهو ما قد ينعكس في زيادة حجم حصة الخزينة العامة من مجمل إيراداته، بالإضافة إلى خلق آلاف الوظائف المرتفعة الأجر والتي تتطلّب عمالة ماهرة، فضلًا عن تقديم خدمات أكثر فعالية تزيد الإنتاجية في القطاعين العام والخاص.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة