المحلية

ليبانون ديبايت
الجمعة 25 تموز 2025 - 09:09 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

سقوط مُدوٍّ لمهرجانات الأرز: “ميّاس” لم تنقذ الموقف… ومن يُعيد أموال الجمهور؟

سقوط مُدوٍّ لمهرجانات الأرز: “ميّاس” لم تنقذ الموقف… ومن يُعيد أموال الجمهور؟

"ليبانون ديبايت"


في ضربة قاسية لصورة “التنظيم النموذجي” التي لطالما تغنّت بها “القوات اللبنانية” من خلال تولّيها مسؤولية “مهرجانات الأرز الدولية”، كشفت ليلة السبت الماضي المستور، مؤكدةً بما لا يدعو للشك أنّ زمن الاحتراف قد ولّى مع خروج كوادر اللجنة السابقة، ليتسلّم المهمة فريق من الهواة أساؤوا لاسم الأرز قبل أن يسيئوا إلى الجمهور نفسه.


ورغم الأداء الراقي لفرقة “ميّاس” التي أبهرت الحاضرين، إلا أنّها لم تنجح في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من فوضى تنظيمية باتت موضع تندّر وسخط واسعين، إذ تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصّات غضب، طغى فيها التعبير عن الإحباط على أي مضمون فني. من سوء التنظيم والتخطيط إلى غياب أبسط معايير الراحة والاحترام، بدا واضحًا أن الحفل فشل في تلبية الحد الأدنى من توقعات الحاضرين.


توزيع المقاعد تمّ بطريقة عشوائية وغير مدروسة، جعلت الصفوف الخلفية محرومة من الرؤية بسبب ارتفاع الصفوف الأمامية، فيما عانى كثيرون للوصول إلى موقع المهرجان نتيجة فوضى المواصلات وانعدام أي رؤية لوجستية. وقد لوحظ وجود عدد محدود من الحمّامات لا يفي بحاجة الحشد، في تجاوز صارخ للحد الأدنى من شروط السلامة والراحة.


ولعلّ ما زاد الطين بلّة، هو قرار اللجنة المنظّمة رفع عدد الحضور بشكل غير منطقي من نحو 2000 شخص في الأعوام الماضية إلى أكثر من 12000 هذا العام، متجاهلةً تمامًا الواقع الجغرافي والبنية التحتية المحدودة لمنطقة الأرز، التي لطالما اعتُبرت غير مهيأة لتحمّل هذا الكمّ من الزوّار دفعة واحدة. كل ذلك فقط من أجل تضخيم العائدات المالية، ولو على حساب راحة الناس وكرامتهم. علمًا أنّ حفل ميّاس لم يستقطب أكثر من 8000 شخص، ورغم ذلك حصلت كل هذه الفوضى.


ورغم أن المهرجان يُفترض أن يكون مناسبة ثقافية وسياحية، إلا أنه تحوّل، بنسخته الحالية، إلى منصّة سياسية لصالح النائب ستريدا جعجع وزوجها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وقد غلبت على الافتتاحية الاستعراضات الموجّهة والمضامين الدعائية، بدل أن تكون بوابة لتسويق منطقة الأرز وتراثها.


أما محاولة تسليط الضوء على إرث الأديب الكبير جبران خليل جبران، فجاءت باهتة ومخيّبة للآمال، بعد أن حُوّل جبران إلى اسم عابر في مشهد بصري هش، خالٍ من أي إسقاطات أدبية أو عمق فكري.


تفاقمت حالة الاستياء مع تفشّي بيع بطاقات حفلة وائل كفوري على مواقع التواصل الاجتماعي في السوق السوداء، نتيجة تخلّي بعض من اشترى البطاقات سابقًا عن تذاكرهم تجنّبًا لـ”مغامرة الوصول” إلى بشرّي.


مصادر مطّلعة كشفت لـ”ليبانون ديبايت” أن مدير أعمال الفنان وائل كفوري أعرب عن قلقه الشديد في حال عدم معالجة الأخطاء الجسيمة، وفي حال لم تسارع اللجنة إلى استدراك الأخطاء. وتشير المعلومات إلى احتمالية فتح المدرجات للجمهور يوم السبت في القسم المخصص للوقوف بشكل مجاني، في محاولة لتعبئة المكان، نظرًا لعدم القدرة على بيع كامل البطاقات المتبقية.


تنوّعت ردود فعل الجمهور على منصات التواصل، لكن معظمها حمل طابع الغضب والخذلان. كتبت إحدى الحاضرات: “مع تهانينا لفرقة MayyasOfficial على عرض الليلة المذهل! لكن هل يمكنكم أن تقدموا العرض في المرة القادمة في فورم دي بيروت؟ لأن مهرجان الأرز كان، بصراحة، أحد أسوأ الفعاليات تنظيمًا على الإطلاق. لقد دُمّر سحر الفرقة بسبب التأخير الطويل، والنقل الفوضوي، وصعوبة الوصول، ومواقف السيارات، والحمامات، وقاعة الطعام. كان الأمن مفرطًا ولكنه مهمل”.


وغرّدت أخرى: “ميّاس قدّمت أداءً رائعًا، لكن التنظيم كان كارثيًا. أسوأ تجربة مررت بها على الإطلاق – على جميع المستويات. يجب استرداد ثمن تذاكر الصفوف الخلفية”.


وغرّد آخر ساخرًا: “أي نجاح؟ الكم عين؟ يا عيب الشوم، كان معي ضيوف أجانب، بهدلتونا! هيدا أفشل تنظيم، العالم فقدت أعصابها، والعرض تأخر ساعة ونص…”.


المفارقة أنّ رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع اختار أن يُقحم في كلمته تعليقات سياسية ساخرة، تطرّق فيها إلى “وقع أقدام الستّ”، وأطلق تلميحات بدت في غير محلّها، خصوصًا حين تناول رئيس الحكومة نواف سلام بتعليق وُصف بالمتعالي والبعيد عن مستوى الحدث واللحظة، في وقت كان الجمهور فيه بأمسّ الحاجة إلى اعتذار لا استعلاء.


أما الرد الرسمي من لجنة المهرجانات، فجاء على شكل بيان “نصائحي” أقرب إلى منشور ترويجي، دعا الحاضرين إلى “الاستمتاع بالغروب” و”اكتشاف الفود كورت”، متجاهلًا تمامًا موجة الغضب العارمة، من دون أي إشارة إلى الاعتذار أو حتى التوضيح.


ما حصل لا يمكن تبريره بزحمة أو طارئ، بل هو انعكاس مباشر لأزمة إدارة واستغلال فعالية فنية وثقافية لخدمة مشروع سياسي ضيّق، لا يمتّ بصلة إلى المصلحة السياحية أو الوطنية. والنتيجة كانت موجة من الاتصالات والمطالبات باسترداد أثمان التذاكر، بعدما فشل الحاضرون في الحصول على أدنى درجات الخدمة والاحترام.


لقد كانت “مهرجانات الأرز”، يومًا، منارة للفخر الثقافي اللبناني. أما اليوم، فهي في مهبّ الريح، ضحية طموحات شخصية ومصالح حزبية ضيّقت الأفق وحرقت البوصلة. والمطلوب اليوم ليس تبريرًا، بل اعتذارٌ صريح، وتعويضٌ مادي، ومحاسبةٌ علنية لكل من حوّل مناسبة وطنية جامعة… إلى مهزلة.



تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة