وصل السجين المحرر اللبناني جورج إبراهيم عبدالله، بعد ظهر اليوم الجمعة، إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، قادمًا من فرنسا بعد أكثر من أربعة عقود قضاها في السجون الفرنسية. وهبطت الطائرة التابعة لشركة "إير فرانس" عند الساعة 2:30 بعد الظهر.
وكان في استقباله حشد من المؤيدين واللجان الداعمة لقضيته التي طالما اعتُبرت من أطول قضايا الاحتجاز السياسي في أوروبا.
عبدالله، البالغ اليوم 74 عاماً، كان قد اعتُقل عام 1984، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد سنة 1987بتهمة التواطؤ في اغتيال الملحق العسكري الأميركي في باريس تشارلز روبرت راي، والدبلوماسي الإسرائيلي يعقوب بارسيمانتوف، وهي تهم نفاها مراراً. ورغم أنه أصبح مؤهلاً للإفراج المشروط منذ عام 1999، فإن السلطات الفرنسية رفضت جميع طلباته السابقة، وسط ضغوط مباشرة من الولايات المتحدة واعتراضات إسرائيلية متواصلة.
صباح اليوم الجمعة، أقلّت قافلة أمنية من ست مركبات عبدالله من سجن لانمزون في جنوب غرب فرنسا باتجاه مطار تارب، حيث نُقل على متن طائرة للشرطة الفرنسية إلى مطار رواسي قرب باريس، قبل أن يستقل الطائرة المتجهة إلى بيروت. وكان الإفراج قد تمّ تنفيذه بعد قرار محكمة الاستئناف في باريس في 25 تموز الجاري، التي قضت بالإفراج المشروط عنه شرط ترحيله الفوري وعدم عودته إلى الأراضي الفرنسية. وقد أعلنت النيابة العامة في باريس أنها ستقدّم طعناً أمام محكمة التمييز، إلا أن هذا الإجراء لن يعلّق تنفيذ الحكم ولن يمنع مغادرته.
وفي تصريحات أدلى بها من مطار بيروت فور وصوله، أكّد عبدالله أن "المقاومة في فلسطين يجب أن تستمر وتتصاعد"، مضيفًا أن "العودة إلى الوطن مرتبطة بوجود المقاومة، القوية بشهدائها الذين صنعوا شلال الدم المقاوم". وتابع: "ننحني أمام شهداء المقاومة إلى الأبد، وهم القاعدة الأساسية لأي فكرة تحرر". واعتبر أنه "من المعيب للتاريخ أن يتفرج العرب على معاناة أهل فلسطين وأهل غزة"، مشيرًا إلى أن "الجماهير المصرية يمكن أن تغير المشهد في القطاع".
محامي عبدالله، جان-لوي شالانسيه، وصف الإفراج بأنه "مصدر فرح وصدمة عاطفية وانتصار سياسي في آن"، مؤكدًا أن موكله "كان ينبغي أن يُفرج عنه منذ وقت طويل"، وقد التقاه للمرة الأخيرة في السجن يوم الخميس، مشيرًا إلى أنه كان "سعيدًا جداً" رغم إدراكه أنه يعود إلى "شرق أوسط مشتعل ومعقّد للبنانيين والفلسطينيين".
ويُعد جورج عبدالله أحد أقدم المعتقلين السياسيين في القارة الأوروبية، وقد تحوّلت قضيته إلى رمز لنضال طويل ضد ما يعتبره مناصرون له استهدافًا سياسيًا بحتًا. ونادراً ما تحتفظ فرنسا بسجناء محكومين بالمؤبد لأكثر من 30 عاماً، غير أن ملف عبدالله شكّل استثناءً، نتيجة التشابكات الدولية المحيطة به.