اقليمي ودولي

الشرق الأوسط
الجمعة 25 تموز 2025 - 17:20 الشرق الأوسط
الشرق الأوسط

إسرائيل تعيد رسم عقيدتها العسكرية: من "الاندفاعة" إلى الهجوم الاستباقي!

إسرائيل تعيد رسم عقيدتها العسكرية: من "الاندفاعة" إلى الهجوم الاستباقي!

بعد تجربة "الاندفاعة" (Momentum) التي أطلقها رئيس الأركان الإسرائيلي السابق أفيف كوشافي عام 2020 بهدف تحويل الجيش إلى قوة شبكية سريعة وفعّالة، جاءت عملية 7 تشرين الأول 2023 لتكشف فشل هذه المقاربة في مواجهة حركات المقاومة، وخصوصًا في غزة، ما فرض مراجعة عميقة لمجمل العقيدة العسكرية الإسرائيلية. في آب 2024، كلّف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجنرال المتقاعد جاكوب ناجل بإعداد تقييم استراتيجي جديد للوضع الجيوسياسي والعسكري، واقتراح تصور شامل للأمن القومي الإسرائيلي. خلُص ناجل إلى ضرورة تطوير منظومة الإنذار المبكر، وإعادة تعريف مفهوم الردع، واعتماد مبدأي الوقاية والهجوم الاستباقي بدلًا من الاكتفاء بالدفاع والاحتواء، مع إعادة توزيع الجهد بنسبة 70% هجومي و30% دفاعي، إضافة إلى إعادة النظر بكيفية حماية الحدود، تفاديًا لتكرار اختراقات مثل 7 تشرين الأول.


بموازاة ذلك، بدأ رئيس الأركان الجديد إيال زامير بإعادة هيكلة الجيش، من خلال تشكيل ألوية جديدة للمشاة والمدرعات، وتعزيز القدرات البحرية، مع التشديد على تثبيت أمن الحدود. ويبدو أن إسرائيل تميل إلى إحياء استراتيجية "الأطراف" التقليدية، ولكن بصيغة محدثة تتلاءم مع المتغيرات ما بعد انهيار الردع أمام المقاومة، وضرب مواقع إيرانية، وتآكل النظام السوري. هذه الاستراتيجية تعتمد على السيطرة الميدانية المحدودة في العمق الجغرافي القريب، دون الانجرار إلى احتلالات مرهقة كما حصل في جنوب لبنان خلال فترة 1985 – 2000. وتسعى إسرائيل إلى تثبيت وجودها من خلال بنى تحتية استراتيجية تشكّل منصات لانطلاق عمليات عسكرية عند الحاجة، لا سيما على الجبهتين اللبنانية والسورية.


السويداء بدورها تحضر ضمن هذه المقاربة كمنطقة ذات بعد رمزي واستراتيجي. فهي موطن طائفة درزية لطالما كانت جزءًا من معادلة الأقليات في التصوّر الأمني الإسرائيلي، منذ ديفيد بن غوريون، ولها امتداد داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. مقتل إحسان دقسة، الضابط الدرزي في اللواء 401 خلال معارك غزة، يعيد تظهير العلاقة الخاصة بين إسرائيل والدروز، رغم تهميشهم في قانون القومية لعام 2018. هذه الطائفة حاضرة أيضًا في الجولان المحتل، ما يمنح إسرائيل هامش مناورة إضافي في الجنوب السوري. في المقابل، يشير البعض إلى محاولة إسرائيل الاستفادة من موقع السويداء كرافعة لإعادة رسم خارطة النفوذ داخل سوريا، خصوصًا مع احتمال الربط الجغرافي مع المناطق الكردية، ضمن ما يُعرف بنظرية "ممر داود"، والتي تقتضي إفراغ المنطقة المحاذية من العشائر العربية.


التحولات في السويداء لا يمكن فصلها عن المشهد الأكبر للصراع على سوريا. فمنذ سقوط النظام السابق، وبروز النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع، تبدّلت حسابات إسرائيل في الجبهة الشمالية. إن التغييرات العسكرية الإسرائيلية على مستوى القيادة الشمالية، التي تضم أربع فرق عسكرية، تعكس سعيًا لفرض وقائع ميدانية جديدة: حرية حركة جوية، هيمنة عملياتية، تنفيذ ضربات برية وجوية داخل سوريا ولبنان ساعة تشاء ومن دون عوائق، ومحاولة فرض منطقة تماس مباشرة في غزة وسوريا ولبنان تكون خالية من قوات النظام السوري. بهذا المعنى، تعود إسرائيل إلى توظيف استراتيجية تقسيم النفوذ كما حصل في لبنان بعد 1975، ضمن مشروع يشبه ما سعى إليه هنري كسينجر سابقًا، دون الذهاب إلى تقسيم فعلي على أسس مذهبية أو إثنية، بل بتثبيت أمر واقع أمني وجغرافي، تستفيد منه إسرائيل في أيّ مواجهة مقبلة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة