وصل وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني، الخميس، إلى موسكو، حيث التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، في أول زيارة لمسؤول سوري رفيع إلى روسيا منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. وتكتسب الزيارة أهمية خاصة لكون موسكو كانت الحليف الأبرز للأسد على مدى أكثر من عقد، فيما يعيش الأخير حاليًا لاجئًا في روسيا.
تهدف دمشق في المرحلة الراهنة إلى "تصحيح العلاقة" مع موسكو، والحصول على دعمها في الحفاظ على وحدة سوريا وقوتها، وسط دعوات داخلية وخارجية لتقسيم البلاد على أسس فيدرالية، وصراعات مناطقية وطائفية مع العلويين في الساحل، والدروز في الجنوب، والأكراد في الشمال الشرقي.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد أكد في نيسان 2025 أن روسيا تحتفظ بوجود عسكري على الأراضي السورية، وأن حكومته تفاوض موسكو حول مستقبل هذا الوجود، مشددًا على ضرورة التزام أي وجود أجنبي بالقانون السوري، وضمان سيادة البلاد وأمنها. كما أشار إلى أن موسكو ما زالت أحد أبرز مزوّدي الجيش السوري بالسلاح، إضافة إلى دعمها في مجالات الطاقة والغذاء.
فيما يتعلق بمصير الأسد، رفضت موسكو تسليمه بعد أن منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حق اللجوء الإنساني له ولعائلته. ويعود التدخل العسكري الروسي في سوريا إلى أيلول 2015، حين بدأت موسكو تنفيذ ضربات جوية بطلب من الأسد ضد المعارضة المسلحة، قبل أن تعزز وجودها العسكري عبر قواعد برية وجوية وبحرية، أبرزها في حميميم وطرطوس.
بعد سقوط الأسد في كانون الأول 2024، سحبت روسيا قواتها من الخطوط الأمامية في شمال سوريا وبعض مواقع جبال الساحل، لكنها أبقت على قواعدها الرئيسية. كما أظهرت صور أقمار صناعية انسحابًا جزئيًا من قاعدة طرطوس البحرية، شمل فرقاطات وغواصات وسفنًا مساندة.
خلال لقائهما في موسكو، قال الشيباني إن هناك "فرصًا حقيقية لسوريا موحدة وقوية"، معربًا عن أمله في أن تقف روسيا إلى جانب بلاده في هذه المرحلة، ومعلنًا الاتفاق على تشكيل لجنتين لمراجعة جميع الاتفاقيات السابقة مع النظام السابق وإعادة تقييمها بما يخدم مصالح الشعب السوري.
من جانبه، أكد لافروف اهتمام موسكو بتطوير التعاون مع دمشق، مشيرًا إلى الاتفاق على تشكيل لجنة روسية سورية مشتركة لبحث الملفات الاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة، ومشدّدًا على رفض موسكو تحويل سوريا إلى ساحة للصراعات الجيوسياسية.
أما إيران، التي كانت داعمًا رئيسيًا للأسد، فقد أبدت موقفًا فاترًا تجاه السلطات السورية الجديدة، معلنة أن العلاقات بين البلدين "مقطوعة حاليًا"، وأنها "ليست في عجلة" لاستئنافها، مكتفية بالتعبير عن تمنياتها بالخير لسوريا وشعبها. وأوضح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده ستدرس أي طلب رسمي من دمشق لإعادة العلاقات، فيما أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي احترام إيران لخيار الشعب السوري.
ومن المتوقع أن تشهد العلاقات الروسية السورية تطورًا إضافيًا إذا قرر الرئيس الشرع تلبية الدعوة الروسية وحضور القمة العربية – الروسية المقرر عقدها في موسكو في تشرين الأول المقبل، وهي خطوة تراهن عليها موسكو لتثبيت دورها في الملف السوري ما بعد الأسد.