كشفت صحيفة واشنطن بوست عن تحول جذري في السياسة الخارجية الأميركية، يتمثل في قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب، وبإيعاز من وزير الخارجية ماركو روبيو، تقليص الدور الأميركي التقليدي في دعم الديمقراطية حول العالم، عبر توجيه دبلوماسييها بتجنب إبداء الرأي بشأن نزاهة أو شرعية الانتخابات في الدول الأجنبية.
وجاء هذا التوجيه، الصادر مطلع تموز الجاري، ليؤكد توجه الإدارة الجديدة نحو سياسة أكثر واقعية، حيث يركز ترامب على "الدفاع عن أميركا وتعزيز المصالح الأساسية في الاستقرار والازدهار والسلام" بدلاً من "فرض القيم" على الآخرين، وفق ما قال في خطاب سابق في أيار الماضي.
هيئة تحرير واشنطن بوست انتقدت الخطوة ووصفتها بـ"الخطأ الإستراتيجي"، معتبرة أن الانتخابات الحرة والنزيهة يجب أن تبقى مسألة جوهرية في السياسة الخارجية الأميركية، وأن التخلي عن الدفاع عنها يضعف مصداقية واشنطن الأخلاقية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السياسة الأميركية طالما تذبذبت بين الواقعية والمثالية، وغضّت الطرف أحياناً عن أنظمة استبدادية أو انتهاكات حقوق الإنسان مقابل مصالح إستراتيجية. لكنها لفتت إلى أن روبيو نفسه كان، حتى وقت قريب، من أبرز المدافعين عن الديمقراطية، إذ دعم المعارضة في فنزويلا، وأدان القمع في هونغ كونغ، ورعى قوانين لتعزيز حقوق الإنسان.
التوجيه الجديد يسمح فقط بـ"استثناءات نادرة" للتعليق على الانتخابات إذا توفرت "مصلحة أميركية واضحة ومقنعة"، وهو ما ترى الصحيفة أنه يفتح الباب أمام انتقائية سياسية تخدم أجندات ضيقة. واستشهدت بمواقف حديثة لترامب وروبيو تناقض هذا التوجه، مثل انتقاد الرئيس الأميركي لرئيس البرازيل اليساري لولا دا سيلفا، أو تشكيك روبيو في شرعية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وفي الوقت ذاته مهاجمته الحكومة الألمانية لتصنيف حزب يميني متطرف كتهديد للديمقراطية.
وترى واشنطن بوست أن هذا الاستخدام الانتقائي للمبادئ يقوض الثقة في التزام الولايات المتحدة بالديمقراطية، ويثبط آمال الشعوب والحركات الساعية للحرية والشفافية، مؤكدة أن المواقف المبدئية إذا أُفرغت من ثباتها تصبح أقرب إلى أدوات لخدمة المصالح السياسية الآنية.
الـــمــــزيــــــــــد
