رأى الكاتب والمؤرخ البريطاني كريستوفر دي بيلايغ أن إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عزمه الاعتراف بدولة فلسطينية يُعد خطوة رمزية أكثر منها عملية، في ظل غياب أي تأثير مباشر على سياسات إسرائيل. وأشار، في مقاله بموقع Unherd، إلى أن أكثر من 70% من دول العالم تعترف بفلسطين، لكن هذا الاعتراف لم يحقق قيام الدولة فعلياً أو إحداث تغيير ملموس في ممارسات الاحتلال.
وأوضح الكاتب أن ما يميز الخطوة البريطانية هو صدورها عن دولة كبرى وعضو في مجموعة السبع وأحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة، مما يمنحها وزناً سياسياً مضاعفاً ويزيد من عزلة إسرائيل إذا واصلت رفض حل الدولتين، لكنه شدد على أن العنصر الحاسم يبقى الضغط الأميركي، الغائب حتى الآن.
ونقل دي بيلايغ عن أستاذ العلاقات الدولية فواز جرجس تحذيره من أن تصاعد الغضب الشعبي ضد إسرائيل قد يهدد أنظمة عربية حليفة لها مثل مصر والأردن، اللتين تواجهان أزمات اقتصادية واجتماعية حادة. وحذر من سيناريو أسوأ يتمثل في تحول إسرائيل إلى دولة عسكرية قومية متطرفة مقابل سقوط أنظمة عربية في أيدي جماعات متشددة مدعومة من إيران، ما قد يفاقم موجات الهجرة واللجوء إلى الغرب ويعيد الانقسام حول قضية اللاجئين في أوروبا وأميركا.
وأشار الكاتب إلى أن حماس، رغم تراجع شعبيتها في غزة، ما زالت تحظى بتأييد واسع في الضفة الغربية والعالم العربي، مستندًا إلى تقديرات إسرائيلية تقول إن كل مقاتل يُقتل من الحركة يتم استبداله بخمسة جدد على الأقل، ما يحافظ على قدرتها القتالية. وشبّه الوضع الحالي بما بعد غزو العراق عام 2003، حين ساهمت الحرب في خلق بيئة خصبة لتجنيد المتطرفين، محذرًا من عودة نشاط الإخوان المسلمين في الأردن ومصر.
ونبّه الكاتب، نقلًا عن مصدر أمني بريطاني، إلى أن الحرب في غزة قد تكون أكبر محفز للتطرف العالمي منذ غزو العراق، في وقت يطرح فيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مقترحات لإعادة توطين سكان غزة في دول عربية، اعتبرها دي بيلايغ غير واقعية لتجاهلها الهوية الفلسطينية وتعقيدات البنية السكانية والسياسية للدول المضيفة.
ورأى دي بيلايغ أن اعتراف لندن المتأخر يعكس إدراكًا متزايدًا في الغرب لخطورة المسار الحالي، لكنه شدد على أن التحرك الرمزي وحده غير كافٍ، وأن تفادي الكارثة الإقليمية يتطلب تنسيقًا ثلاثيًا بين بريطانيا والدول العربية والولايات المتحدة لصياغة استراتيجية سياسية متكاملة تنهي حصار غزة وتوقف دوامة العنف.
واختتم الكاتب مقاله بالتحذير من أن الشرق الأوسط يقف على حافة الانهيار، وأن تجاهل جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيؤدي إلى تفجير المنطقة من الداخل، مؤكدًا أن إسرائيل ستكون الخاسر الأكبر إذا استمر التصعيد، بفقدان شرعيتها الدولية وانزلاق المنطقة إلى فوضى إقليمية لا يمكن السيطرة عليها.