في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، قرع الكاتب الأميركي المخضرم توماس فريدمان جرس الإنذار بشأن التحولات العميقة التي تشهدها مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، محذرًا من "انهيار متسارع" لمنظومة القيم التي شكّلت الأساس الأخلاقي والمؤسسي للجمهورية الأميركية.
ويرى فريدمان أن ما كان يُعدّ خطوطًا حمراء في السياسة الأميركية، مثل استقلالية البيانات الاقتصادية وحيادية أجهزة الاستخبارات وتقاليد الجيش، بات اليوم يُتجاوز تحت مظلة الولاء المطلق للرئيس، وسط صمت وتواطؤ كبار المسؤولين. واستشهد بإقالة ترامب لمفوّضة مكتب إحصاءات العمل، إريكا ماكنتارفر، بسبب تقرير اقتصادي لم يَرُق له، وتبرير وزراء ومسؤولين للخطوة بدل الاعتراض عليها.
وأشار إلى أن هذه الممارسات تقوّض استقلالية الدولة وتحوّلها إلى أداة في يد الرئيس، مذكّرًا بمحاولة ترامب عام 2021 الضغط على سكرتير ولاية جورجيا لتغيير نتائج الانتخابات، معتبرًا أن جيل السياسيين الذين تمسكوا آنذاك بالنزاهة قد "انقرض".
واتهم فريدمان شخصيات بارزة في الإدارة، بينها وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزيرة العمل لوري شافيز-ديريمر، بالخضوع والتواطؤ، ناقلًا عن وزيرة الخزانة السابقة جانيت يلين قولها إن ما يحدث "لا يُرى إلا في جمهوريات الموز". كما نقل عن تاجر السندات بيل بلاين تحذيره من أن فقدان الثقة بالبيانات الرسمية قد يسجَّل كتاريخ "وفاة سوق سندات الخزانة الأميركية".
ولفت إلى أن التلاعب بالمعلومات طال قطاع الاستخبارات، حيث أقالت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد مسؤولين قدّما تقارير تناقض رواية ترامب بشأن فنزويلا، كما طال الجيش بإلغاء تعيين خبيرة بارزة في الأمن السيبراني تحت ذرائع سياسية.
وختم فريدمان قائلاً إنه للمرة الأولى بات يخشى على مستقبل الولايات المتحدة، محذرًا من أن استمرار النهج السلطوي لترامب قد يقود إلى ضياع أميركا التي يعرفها العالم، من دون وجود سبيل واضح لاستعادتها.