المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الجمعة 08 آب 2025 - 06:54 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

حزب الله يُشهر سلاحه الأقوى

حزب الله يُشهر سلاحه الأقوى

ليبانون ديبايت - محمد المدني

في بلدٍ يتأرجح يوميًا على حافة الانهيار، لا تأتي القرارات المصيرية من فراغ، ولا تمرّ دون ارتدادات. فحين قرّر مجلس الوزراء اللبناني تكليف الجيش بوضع خطة لسحب سلاح جميع الفصائل ومن بينها حزب الله، كان واضحًا أن القرار لن يمرّ بسلاسة، خصوصًا أنه يمسّ مباشرة أحد أكثر الملفات حساسية في تاريخ لبنان الحديث، وهو سلاح حزب الله.


وبين حكومة مصرة على “فرض هيبة الدولة”، وحزب يعتبر سلاحه “خطًا أحمر”، بدأت ملامح مواجهة صامتة تتكوّن، ولكنها هذه المرة أخطر من أي صمت سابق.


ورغم أن حزب الله حسم موقفه بشكل قاطع من القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء، إلا أنه لم يلجأ إلى التهديد المباشر أو استخدام العنف، بل عبّر عن رفضه التام لهذا القرار عبر سلسلة من الرسائل السياسية والشعبية التي حملت دلالات لا تحتمل التأويل.


الرد الأول جاء من الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، الذي أكد بصراحة أن الحزب لا ينوي تسليم سلاحه، مشددًا على أن سلاح المقاومة ليس موضع نقاش. تبع هذا الموقف تصريح لافت لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي اعتبر أن الخطة الحكومية “محكوم عليها بالفشل”، في موقف يعكس دعم طهران الكامل لموقف الحزب.


أما في الداخل، فقد تُرجم الرفض عمليًا عبر انسحاب الوزراء الشيعة من جلستين متتاليتين لمجلس الوزراء، الأولى يوم الثلاثاء، والثانية يوم أمس الخميس، في رسالة سياسية واضحة بأن المسار الحكومي مرفوض من بيئة الحزب السياسية.


لكن الرسالة الأقوى جاءت من الشارع، فقد نظّم مناصرون للحزب تحركات شعبية امتدت من الضاحية الجنوبية إلى مناطق لبنانية أخرى ذات ثقل شيعي، في تعبير واضح عن رفض القرار الحكومي. هذه التحركات لم تكن مجرد احتجاجات، بل حملت رسالة مباشرة للحكومة مفادها “كما نملك السلاح، نملك أيضًا الشارع”.


هذه اللعبة المزدوجة “السلاح والشارع” تحمل في طياتها مؤشرات خطيرة، خاصة في ظل التوترات المتراكمة والتداخل الجغرافي والطائفي بين المناطق اللبنانية. فالمواجهات الشعبية، حتى لو لم تكن منظمة أو مسلحة، قد تؤدي سريعًا إلى تفجير فتنة داخلية تهدد السلم الأهلي.


من هنا، يبدو أن لبنان دخل فعليًا مرحلة المجهول. فحزب الله، الطرف المعني أولًا وأخيرًا بموضوع السلاح، يرفض القرار رفضًا مطلقًا. في المقابل، تتمسك الحكومة مجتمعةً بتنفيذه، كما أكد رئيس الجمهورية جوزيف عون في مقابلته الأخيرة مع قناة “العربية”، ما ينذر بصدام سياسي وأمني حاد يصعب احتواؤه.


في ظل هذا الانقسام، يصبح الحديث عن إيجاد “صيغة حل” أشبه بالمستحيل. والمخاوف تتزايد من أن يتحوّل العناد المتبادل إلى فوضى مفتوحة على كل الاحتمالات، في بلد لم يعد يحتمل المزيد من الانفجارات السياسية أو الأمنية.


والواقع أن لبنان يدخل اليوم مرحلة دقيقة، لا تحتمل المغامرات ولا الخطوات غير المحسوبة. فقرار الحكومة بنزع سلاح الفصائل، وعلى رأسها حزب الله، قد يكون من حيث المبدأ مطلبًا سياديًا مشروعًا، لكنه في التوقيت والسياق الحاليين يفتقر إلى عناصر التوازن والقدرة على التنفيذ.


في المقابل، فإن رفض حزب الله الصريح لهذا القرار، وتعبيره عنه بشتى الوسائل، يُظهر أن مسألة السلاح ما زالت بعيدة عن أي تسوية واقعية. ومع غياب الثقة بين الأطراف، وتراجع أدوات الحوار، يبدو أن البلاد تتجه إلى مواجهة باردة، طويلة، وربما مفتوحة على احتمالات غير مضمونة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة