تشهد الساحة الدولية تحولًا لافتًا في الموقف من القضية الفلسطينية، إذ اعترفت أكثر من 140 دولة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره إلى جانب إسرائيل، فيما وصف قياديون فلسطينيون هذا التحرك بـ"تسونامي الاعتراف". واعتبر وزير الخارجية الأميركي الأسبق أنتوني بلينكن أن هذه الخطوة "صحيحة أخلاقيًا" وتعكس إجماعًا دوليًا، لكنها مشروطة بجملة التزامات لضمان أمن إسرائيل واستقرار السلطة الفلسطينية.
وفي مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، رأى بلينكن أن قرارات فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية تمثل خطوة مهمة، لكنها تحتاج إلى إجراءات عملية، أبرزها منع سيطرة جماعات مسلحة مرتبطة بإيران، ووقف التوسع الاستيطاني، واحترام الأماكن المقدسة، وإصلاح السلطة الفلسطينية، إلى جانب معالجة عاجلة للوضع الإنساني في غزة.
من جانبه، أكد القيادي في حركة فتح نبيل عمر أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية "حُسم مبدئيًا"، وأن المعركة الآن تتمحور حول "مواصفات الدولة وكيفية قيامها"، محذرًا من بطء تحرك السلطة الفلسطينية، ومؤكدًا ضرورة تأسيس دولة قوية وليست "إضافة إلى قائمة الدول الفاشلة". وشدد على أن الفلسطينيين يتحملون المسؤولية الكبرى في تحويل الاعتراف إلى واقع من خلال إصلاح المؤسسات، وإجراء انتخابات، وتوحيد الصف الداخلي.
واعتبر عمر أن إعادة إعمار غزة بعد أي تسوية ستكون "الاختبار الأكبر للسيادة الفلسطينية"، داعيًا إلى إدارة فلسطينية شاملة للقطاع بدعم عربي ودولي، على غرار "خطة مارشال"، مع رفض أي تدخل إسرائيلي مباشر بعد الانسحاب. كما حذّر من استمرار سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وربط الحرب على غزة بمصيره السياسي، لافتًا إلى أن التغيرات السياسية المحتملة في إسرائيل قد تفتح بابًا لفرص جديدة للحوار.
ويرى عمر أن "تسونامي الاعتراف" يمثل خطوة أولى نحو السلام، لكنه لن يتحول إلى واقع ما لم تُسرّع الإصلاحات الداخلية الفلسطينية وتُبنى مؤسسات قادرة على إدارة دولة قابلة للحياة، فيما يبقى الموقف الإسرائيلي أكبر العقبات، مرهونًا بالتغيرات الداخلية وبالضغوط الدولية.