يترقب العالم، وفي مقدمته أوكرانيا، القمة المقررة الجمعة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا، وسط آمال بأن تمهّد لوقف الحرب المستمرة منذ نحو 30 شهراً، وانتقادات لغياب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن الاجتماع الذي سيبحث مصير بلاده.
لكن بول ساندرز، رئيس مركز "ناشونال إنتريست" الأميركي، يرى في تحليل نشرته المجلة أن جوهر المسألة لا يتعلق بمن سيجلس على الطاولة أو بما قد يقدمه ترامب من تنازلات، بل بغياب أي مؤشرات مقنعة على رغبة بوتين في إنهاء حربه على أوكرانيا. ويؤكد أن أي مفاوضات لا يمكن أن تنجح إلا إذا اقتنع الطرفان بأن التسوية أفضل من استمرار الوضع الراهن، مشيراً إلى أن بوتين يعتقد أنه في موقع المنتصر ولا يرى سبباً للتراجع، رغم العقوبات والخسائر.
ويرى ساندرز أن ثقة بوتين تعود إلى عاملين أساسيين: تفوق روسيا على أوكرانيا في حرب استنزاف طويلة بفضل مواردها البشرية والاقتصادية والعسكرية، وأن استراتيجيتها لا تتطلب غزو كل الأراضي الأوكرانية، بل الرهان على انهيار الإرادة السياسية في كييف وواشنطن والعواصم الأوروبية.
ويضيف أن بوتين كان أكثر براغماتية في سنوات حكمه الأولى، إذ سعى بين 2000 و2012 للتعاون مع واشنطن، لكنه منذ عودته للرئاسة قبل أكثر من عقد تبنى خطاباً أيديولوجياً حاداً، ضم القرم، وتدخل عسكرياً في سوريا، وعمّق القمع الداخلي، وروج لرواية حضارية تعتبر الغرب عدواً. وبات يعتبر التنازلات مكلفة سياسياً وشخصياً.
ويحذر ساندرز من أن أي تنازل أميركي عن أراضٍ أوكرانية لن ينهي الحرب، وأن بوتين مقتنع بأن المؤسسة الأميركية – من الكونغرس إلى الإعلام – ستعرقل أي تقارب حتى لو أراده ترامب شخصياً. كما يدرك الكرملين أن الانتخابات الأميركية المقبلة قد تغيّر المعادلة أو تعيد قيادة ديمقراطية إلى البيت الأبيض، ما يقلل حافزه للتنازل الآن.
ويخلص إلى أن الجدل حول الحاضرين والتنازلات في قمة ألاسكا يشتت الانتباه عن حقيقة أن بوتين يفضل المسار الحالي ويعتقد بنجاحه، ما يجعل اللقاء اختباراً للنوايا لا فرصةً حقيقية لتحقيق سلام سريع.