ويعتبر المحامي محمد صبلوح، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت" أن "هذا بمثابة مؤشّر على أنّ المسؤولين في لبنان لا يتعاملون مع الملف من بابٍ إنساني، ولا يهمّهم معالجة اكتظاظ السجون. ويذكّر بنصيحة قدّمها للمسؤولين قبل طرح التصريحات والأفكار، لا سيما لوزير الداخلية أو وزير العدل، وهي أن يذهبوا بأنفسهم لتمضية ليلة واحدة في سجن رومية مع الموقوفين، ليخرجوا بعدها ويطرحوا الأفكار التي يجدونها إنسانية".
ويقول: "طالما أنّنا نجلس في مكاتبنا الفاخرة تاركين الناس تموت قهرًا، فهذا أمرٌ معيب. ولهذا السبب، هناك رفض ضمني لأي تغيير، في الوقت الذي لا يُوفّر فيه للمساجين طعام ولا علاج. وقد مات الكثير منهم حتى خلال العمليات الطبية، فالأكل غير مؤمَّن".
ويعدّد مجالات تقصير الحكومات المتعاقبة، ففي سجن مجدليا في الشمال، تبرّع الاتحاد الأوروبي بكامل التمويل، لكن وزارة الداخلية صرفت المبالغ في مكان آخر، ولم يُستفد في السجن سوى من الحجر الأساسي الذي وُضع. كما، على سبيل المثال، تبرّعت إسبانيا بمنظومة طاقة شمسية ومياه ساخنة لسجن رومية، واليوم تُسخَّن المياه في سجن رومية عبر وصلها بالكهرباء، وهذا أمرٌ كارثي.
ويضيف: "طالما أنّنا ننظر إلى السجون كأرقام، ونستفيد من المساعدات الأوروبية ونخدع أوروبا، من دون أن ننظر إلى السجناء على أنهم بشر ونعالج مشاكلهم، فلن يتغيّر شيء".
ويُذكّر أنه "منذ أكثر من شهر ونصف، شهدنا حالة انتحار تلتها أخرى، ورغم ذلك لم تأخذ القوى الأمنية الموضوع على محمل الجد، وحاولنا التواصل مع المعنيين، لكن لم نحصل على أي تفسير لما جرى".
ويتابع: "أنا أخشى بشدّة من أنّ السجون باتت على أبواب الانفجار، لأنّ ما نراه هو أنّ القوى الأمنية بالكاد تؤمّن الطعام والشراب وأدنى مقومات العيش الكريم للسجين"، موضحًا أن "الهدف من السجن أن يكون مكانًا للإصلاح وإعادة التأهيل، لكن واقع الحال أنّ السجون تحوّلت إلى أكبر بؤرة لإنتاج المجرمين في البلاد، حتى أنّ نسبة الاكتظاظ فيها تتجاوز 250%".
ويتساءل: "في الوقت الذي يخرج فيه وزير الداخلية ووزير العدل إلى الإعلام ليقدّما بروباغندا عن “إنجازات” مثل افتتاح محكمة في سجن رومية، هل هذه المحكمة فاعلة اليوم أم متوقفة؟ وهل لها أساس قانوني؟ كل ذلك ليس إلا حلولًا إعلامية لتغطية العجز عن تقديم حلول فعلية، في حين أنّ الحلول الحقيقية موجودة".
وينبّه إلى أنّ "مشروع القانون المقدَّم منذ أربع سنوات لا يشمل فئة واحدة فقط، بل يطال جميع السجناء مهما كانت جنسيتهم أو ظروفهم، هذا القانون يخفّض مدة العقوبة، وهو لا يعني إطلاق سراح السجين فورًا، بل يمنحه أملًا بالعودة إلى الاندماج في المجتمع، لكن طالما أنّ إنسانية المسؤولين غائبة، ولا يقدّمون للسجين أي بارقة أمل، سيبقى هؤلاء يعيشون في ظروف مهينة، يُنظر إليهم كأرقام يُتاجر بها أمام المجتمع الدولي للحصول على أموال ومساعدات تُصرف في أماكن أخرى".
ويختم صبلوح: "خطاب القسم خطف قلوب اللبنانيين، ولكن للأسف لم يُترجم على أرض الواقع، لا من الحكومة ولا من رئاسة الجمهورية".