اقليمي ودولي

الميادين
الاثنين 18 آب 2025 - 22:42 الميادين
الميادين

انتخابات بوليفيا: نهاية عقدين من حكم اليسار وصعود الوسط واليمين

انتخابات بوليفيا: نهاية عقدين من حكم اليسار وصعود الوسط واليمين

شهدت بوليفيا تحوّلاً سياسيًا مفصليًا مع تراجع مرشحي اليسار إلى ما دون المرتبة الثالثة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، التي جرت في 17 آب، مقابل صعود مرشحي الوسط واليمين إلى الواجهة، ما يعني عمليًا نهاية دورة سياسية امتدت لعقدين صاغت خلالها البلاد نموذجًا اجتماعيًا قلّص الفقر ورفع مكانة السكان الأصليين وأعاد تعريف دور الدولة في الاقتصاد.


فقد تصدّر المرشّح الوسطي رودريغو باز، عن "الحزب الديمقراطي المسيحي"، نتائج الجولة الأولى بنسبة 32%، يليه الرئيس السابق خورخي كيروغا، زعيم حزب "الحرية" (يمين) بنسبة 27%، على أن تُجرى الجولة الثانية بينهما في تشرين الأول المقبل. أما مرشّحو اليسار، أندرونيكو رودريغيز (عن "التحالف الشعبي") وإدواردو ديل كاستيو (عن حزب "الحركة نحو الاشتراكية" الحاكم)، فقد تراجعا إلى ما دون المرتبة الثالثة، وسط نسبة مرتفعة من الأصوات الباطلة والبيضاء قاربت 19%.


هذه النتائج عكست تفكك معسكر اليسار، الذي قاد بوليفيا لعقدين عبر "الحركة نحو الاشتراكية" وزعيمها التاريخي إيفو موراليس، قبل أن تدفع الأزمة الاقتصادية والانقسامات الداخلية إلى إضعافه. فمنذ 2019، حين أُجبر موراليس على الاستقالة تحت ضغط عسكري وسياسي، شهدت البلاد صدمات متتالية: عودة الحزب إلى السلطة عبر لويس آرسي عام 2020، ثم تفجّر الخلافات بين آرسي وموراليس وصولًا إلى انقسام الحزب وتأسيس الأخير حزبًا جديدًا صُنِّف "غير شرعي"، فضلًا عن محاولة انقلاب عسكري فاشلة في حزيران/يونيو 2024. هذه التطورات حوّلت النقاش داخل اليسار إلى نزاع مفتوح على الشرعية، ودفعت شرائح من قاعدته إلى خيار "إبطال التصويت" احتجاجًا.


في المقابل، أعادت قوى اليمين والوسط تنظيم صفوفها، وطرحت برامج نيوليبرالية تقوم على "تحرير القطاعات الاستراتيجية" وجذب الاستثمارات الخاصة، في ظل وضع اقتصادي منهك: شحّ الدولار، طوابير الوقود، تآكل القدرة الشرائية، وتراجع عائدات الغاز التي موّلت لسنوات برامج الرعاية الاجتماعية. وعليه، اتجه التصويت إلى معاقبة الحزب الحاكم، ما مهّد الطريق أمام باز وكيروغا.


لكنّ الخسارة لا تعني مجرد خروج اليسار من القصر الرئاسي؛ إنها نهاية دورة سياسية كاملة أعادت تعريف العقد الاجتماعي في بوليفيا، فيما تلوح في الأفق معارك أكبر حول ثروة الليثيوم. فالبلاد، التي تملك أحد أكبر احتياطات الليثيوم عالميًا، تقف أمام مفترق طرق: إما تصنيع وطني يرسّخ السيادة ويعيد توزيع الثروة داخليًا، أو فتح الأسواق على مصراعيها وتحويل بوليفيا إلى مقلع خام يخدم صناعة البطاريات والسيارات الكهربائية في الخارج.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة