مع بدء الاستعداد لانسحاب القوات الأميركية من قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق، ونقل قسم منها إلى قاعدة حرير الجوية في أربيل بإقليم كردستان، ارتفعت التساؤلات حول طبيعة تلك التغييرات ومدلولاتها الاستراتيجية.
فقد اعتبر بعض المراقبين أن ما يجري ليس سوى إعادة تموضع وإعادة ترتيب للقوات الأميركية البالغ عددها نحو 2500 جندي، والمنتشرة ضمن إطار التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش". في المقابل، يرى آخرون أن الخطوة تمثل التطبيق العملي للاتفاقية التي أبرمت العام الماضي بين بغداد وواشنطن، والتي حددت جدولاً زمنياً لانسحاب تدريجي.
السفارة الأميركية في بغداد أوضحت جانباً من الصورة، مشيرة في بيان أمس الاثنين إلى أن مهام التحالف الدولي في العراق ستتحول إلى "شراكة أمنية ثنائية" مع الحكومة العراقية، مؤكدة أن ذلك "لا يعني نهاية عمل التحالف". وأوضح متحدث باسم السفارة أن التحالف سيواصل "جهوده بقيادة مدنية على مستوى العالم"، بينما ستتحول المهمة العسكرية داخل العراق إلى "شراكة أمنية تقليدية" بين واشنطن وبغداد، بحسب ما نقلت شبكة "روداو".
وفي السياق نفسه، أعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي حسين علاوي أن بعثة التحالف ستنهي مهامها في بغداد وقاعدة عين الأسد مع حلول شهر أيلول المقبل، في إطار الجدول الزمني المتفق عليه.
وكان العراق والولايات المتحدة قد توصلا في أيلول 2024 إلى اتفاق يحدد موعد أيلول 2025 لبدء المرحلة الأولى من انسحاب القوات الأميركية من العراق، على أن تليها المرحلة الثانية في أيلول 2026. وجاء الاتفاق بعد محادثات ثنائية امتدت لأكثر من عامين، ركزت على مستقبل الوجود العسكري الأجنبي، في ظل تأكيد الحكومة العراقية انحسار تهديد "داعش" وقدرتها على مواجهة أي هجمات متفرقة، إلى جانب تعزيز مراقبة الحدود البرية.
من جهة أخرى، شكّلت ضغوط الفصائل المسلحة عاملاً أساسياً في الدفع باتجاه تقليص الوجود الأميركي، إذ واصلت تلك الفصائل المطالبة بإنهاء مهام التحالف الدولي وانسحاب القوات الأميركية من البلاد. ويُذكر أن للولايات المتحدة أيضاً نحو 900 جندي في سوريا، ضمن التحالف الذي أنشئ في العام 2014 لمواجهة "داعش"، قبل أن يتطور دوره لاحقاً إلى التدريب وتقديم الاستشارات العسكرية.
ويرى محللون أن الانتقال من صيغة "التحالف الدولي" إلى "شراكة ثنائية" يعكس رغبة مشتركة في الحفاظ على التعاون الأمني بين بغداد وواشنطن، مع إتاحة هامش أوسع للعراق لإظهار سيادته الداخلية، في وقت تبقى فيه مواجهة خلايا "داعش" والتحديات الإقليمية على الحدود العراقية – السورية قائمة.