الأم فاطمة شمص، التي لجأت إلى وزيرة التربية ريما كرامي عبر رسالة مناشدة، أكدت أنّها لم تكن تسعى إلا إلى حماية أطفالها من بعض الممارسات داخل المدرسة، مثل استخدام مصطلحات غير لائقة ذات طابع جنسي، والتدخين (الفايب)، وحمل السكاكين بين التلاميذ. ورغم محاولاتها المتكررة للتواصل مع إدارة المدرسة، رفضت المديرة استقبالها أو الإصغاء إليها.
من الخلاف إلى الطرد
وصلت الأمور إلى ذروتها في 4 آذار الماضي، عندما اتصلت المديرة بوالد الأطفال وأبلغته بطردهم من المدرسة. توجهت الأم لمحاولة لقاء المديرة، إلا أنّ الأخيرة منعتها من الدخول، وتحول الخلاف إلى مواجهة كلامية انتهت باستدعاء المخفر، الذي أجبر العائلة على توقيع تعهّد بعدم التعرّض للمديرة، ووفق الأم، لجأت العائلة إلى النيابة العامة لتقديم بلاغ ضد المديرة، لكن البلاغ لم يتم توقيعه."
وأشارت إلى أنها تفاجأت بعد توقيعها على تعهّد بعدم التعرّض للمديرة، بحجّة أنهم تسببوا بحالة ذعر في المدرسة، بأن المديرة افترت عليهم مدعية أنهم خلعوا كتف أستاذة. عندها طالبوا بفتح الكاميرات لإثبات الحقيقة ومنع طرد الأطفال، إلا أن المديرة رفضت ذلك.
في اليوم التالي، تلقّت العائلة اتصالاً من وزارة التربية تطلب منها استلام الإفادات وإبلاغها بعدم قبول الأطفال مجدداً في المدرسة، إلا أن الأهالي لم يتسلموها، وبعد سجالات واصل الأطفال عامهم الدراسي بشكل طبيعي بأمر من الوزارة، وأكدت لهم أنه لن يتم طردهم وسيتم قبولهم في السنة المقبلة 2025–2026. وعندما حاولت الأم التواصل مع الوزارة لإبلاغهم بأن المديرة رفضت تسجيلهم، لم تجد أي مساعدة.
تحقيقات غير كافية وصمت الأهالي
كشفت الأم أنّ الوزارة أوفدت جمعية لمتابعة المسألة، وذلك بعد اتصال أجرته الأم مع المديرة العامة للتعليم المهني والتقني، الدكتورة هنادي بري التي بدورها تواصلت مع كرامي، وأجرت الجمعية تحقيقات داخلية شملت أولياء أمور وطلاباً آخرين. وأقرّ بعض الأهالي بأن أطفالهم تعرضوا لممارسات مشابهة، وتحرّش من قبل تلميذ، لكنهم فضّلوا الصمت خوفاً من طرد أبنائهم.
حقّ التعليم خط أحمر
القضية تتجاوز الخلاف الشخصي بين المديرة والأهل، فهي تمسّ الحق الدستوري للطفل في التعليم. وإذا صحّت رواية الأم، فإن حرمان أربعة أطفال من مقاعد الدراسة يعد عقاباً جماعياً يمسّ مستقبلهم الأكاديمي والاجتماعي، خصوصاً أنّ التعليم الخاص خارج متناول الأسرة مادياً.
مسؤولية الوزارة والمديرة
في حال صحّت رواية الأم، تُطرح علامات استفهام جدّية تستحق التوضيح:
لماذا لم تُعالج وزارة التربية أصل الشكوى المتعلّقة بسلوكيات غير سليمة داخل المدرسة؟
لماذا رُفض استقبال الأم والاستماع إلى مخاوفها؟
وهل يُعقل أن يُعالج خلاف إداري بطرد جماعي يطال أطفالًا قاصرين؟
إن صحّت هذه الوقائع، فإن ما حصل يعكس تخبّطًا خطيرًا في إدارة المدرسة، وغيابًا لآليات واضحة تحمي حقّ التلميذ في التعلم، وتمنع استخدام الطرد كوسيلة ردّ أو عقاب.
المطلوب من وزارة التربية، في كل الأحوال، التحقيق الشفاف في ما جرى، والتعامل مع الحق بالتعليم كأولوية مطلقة، بعيدًا عن أي كيدية أو قرارات اعتباطية. كما أن الإدارة المدرسية، إن صحّت هذه الرواية، كان من الأجدر بها معالجة الخلاف بالحوار، لا بالمنع والاستدعاء الأمني.
هذه القضية، إن ثبتت تفاصيلها، تُبرز خطورة غياب الرقابة والمساءلة في المدارس الرسمية، وتذكّر بأن مستقبل الأطفال لا يجب أن يكون رهينة لتصرّفات غير مدروسة، لأن أبناء لبنان لا يجوز أن يدفعوا ثمن أخطاء الكبار.