في خضم الجهود الدولية المتعثرة لإيجاد تسوية للحرب في أوكرانيا، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بموقف يعكس إدراكه لتعقيدات الأزمة، مشبهاً محاولة جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على طاولة واحدة بمحاولة "خلط الزيت بالماء". ومع ذلك، ترك ترامب الباب موارباً قائلاً: "سنرى"، في إشارة إلى إمكانية لعب دور في حال نضجت الظروف.
موسكو سارعت إلى تبريد الأجواء، حيث أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف أن "لا خطط لعقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي"، مؤكداً أن أي اجتماع لا بد أن يكون معدّاً بدقة مع جدول أعمال واضح. الكاتب الروسي يفغيني سيدروف اعتبر أن عقد لقاء غير محضّر مسبقاً سيكون بلا جدوى، مشدداً على أن موسكو لا تمانع اللقاء من حيث المبدأ، لكنها ترفض تكرار ما وصفه بـ"مشاجرات أو فضائح" كتلك التي حصلت في شباط الماضي.
في المقابل، حملت كييف موسكو مسؤولية تعطيل المساعي الدبلوماسية. الرئيس الأوكراني زيلينسكي قال إن روسيا "تبذل قصارى جهدها لمنع عقد لقاء مباشر"، وطالب بفرض "عقوبات جديدة" عليها إذا لم تُبد نية صادقة لإنهاء الحرب، ملوحاً بأن أوكرانيا ستواصل الضغط عبر الشركاء الغربيين بدلاً من انتظار تنازلات روسية.
وإلى جانب ملف اللقاءات، طغى موضوع الضمانات الأمنية على النقاشات. الأمين العام لحلف الناتو مارك روته دعا خلال زيارته إلى كييف إلى تقديم "ضمانات قوية" تشمل تعزيز الجيش الأوكراني وردع أي هجوم مستقبلي، مع دعم مباشر من الولايات المتحدة وأوروبا. لكن زيلينسكي نفسه اعترف بأن "الأمر لا يزال مبكراً لتحديد الدول المستعدة لتقديم دعم عسكري أو استخباراتي مباشر"، مشيراً إلى أن مطلب بلاده يتمثل بضمانات توازي المادة الخامسة من ميثاق الناتو.
ترامب بدوره وصف الأسبوعين المقبلين بـ"المدة الحاسمة" التي ستحدد ما إذا كان يمكن تحقيق اختراق في المسار السياسي، ولوّح بأن واشنطن قد تتبع "نهجاً مختلفاً" إذا لم يحصل أي تقدم. محللون رأوا أن ترامب يسعى لإبراز نفسه كوسيط محتمل من دون الانخراط المباشر، مع الاحتفاظ بورقة الظهور في دور "صانع السلام" في حال تحقق توافق بين موسكو وكييف.
لكن العقبة الأبرز تبقى في الشروط الروسية التي تعتبرها كييف مساساً بسيادتها، وهو ما يرفضه زيلينسكي بالكامل. هذا التباين يجعل أي مسار تفاوضي يصطدم بجدار صلب من الرفض المتبادل، فيما يحاول ترامب رسم صورة الزعيم القادر على الحلول، وسط واقع ميداني ودبلوماسي أكثر تعقيداً بكثير.
تشبيه ترامب بأن جمع بوتين وزيلينسكي أشبه بـ"خلط الزيت بالماء" يلخص الموقف بدقة: انفتاح مشروط من روسيا، تصلب أوكراني، وتردّد أوروبي ـ أطلسي في تقديم ضمانات حقيقية، ما يترك مستقبل أي لقاء مباشر عالقاً حتى إشعار آخر.