يبدو أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يفي بتعهده الانتخابي باستخدام سلطات الدولة "لمحاسبة من أساؤوا إليه"، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية الأميركية وسط مخاوف من أن تتحول رئاسته الثانية إلى ما يصفه البعض بـ"رئاسة الانتقام".
ففي تطور لافت، فتّش مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) منزل مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، الذي كان من أبرز منتقدي ترامب في ولايته الأولى، وسبق أن وصف الإدارة بأنها "رئاسة الانتقام". وورد اسم بولتون في قائمة تضم 60 مسؤولًا سابقًا، أعدها مدير الـFBI الحالي كاش باتيل، وصفها بأنها "سجل الدولة العميقة في السلطة التنفيذية"، فيما حذر منتقدون من أنها أقرب إلى "قائمة أعداء".
بالتوازي، فتح فريق ترامب تحقيقات ضد شخصيات ديمقراطية بارزة، منها المحامية العامة في نيويورك ليتيشا جيمس التي قاضت شركات ترامب في قضايا احتيال مالي، والسيناتور آدم شيف الذي قاد أول اتهام له بالتقصير. كما وُجهت اتهامات للنائبة الديمقراطية لامونيكا مكيفر على خلفية مشاركتها في احتجاجات ضد قوانين الهجرة، إلى جانب ملاحقات تطال العمدة الديمقراطي راس بركة، وحاكم نيويورك السابق أندرو كومو المرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك.
ولم يسلم من ملاحقة ترامب حتى بعض المسؤولين في إدارته السابقة، إذ أمر ممثلي الادعاء بفتح ملفات ضد مايلز تايلور، الذي نشر كتابًا حذر فيه من "ميول ترامب السلطوية"، وضد كريس كريبس الذي أكد علنًا نزاهة انتخابات 2020، ما أثار غضب الرئيس.
واتسع نطاق الإجراءات ليشمل نشر الجيش في مدن أميركية لـ"مكافحة الجريمة" والمساعدة في ملاحقة المهاجرين غير الشرعيين، حيث أرسل ترامب آلافًا من أفراد الحرس الوطني وقوات إنفاذ القانون الفدرالية للقيام بدوريات في شوارع العاصمة.
كما أصدر ترامب عفوًا عن أكثر من 1500 شخص أدينوا بالمشاركة في هجوم 6 كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول، فيما أقالت وزارة العدل في حكومته عددًا من المدعين الفدراليين الذين تابعوا تلك القضايا. وبدورها، أمرت النائبة العامة بام بوندي هيئة محلفين كبرى بفتح ملف التحقيقات في أصول التدخل الروسي بانتخابات 2016.
في السياق نفسه، فتح مكتب المستشار الخاص الأميركي تحقيقًا بحق جاك سميث، المدعي الخاص الذي أشرف على التحقيقات المتعلقة بمحاولة ترامب إلغاء نتائج انتخابات 2020 والوثائق السرية المضبوطة في منتجعه بفلوريدا.
ترامب من جهته لم يُخفِ سطوته على هذه الإجراءات، إذ قال للصحافيين إنه وجّه فريقه بعدم إخباره مسبقًا بعملية تفتيش منزل بولتون، لكنه شدد على أنه "قد يكون هو من أعطى الأمر ببدئها". وأضاف: "إنني في الواقع كبير مسؤولي إنفاذ القانون، وأمتلك السلطة على جميع الدعاوى القضائية."