واحد أبرز الأمثلة الصارخة ما قامت به الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا(AUST) إعلان فيه الكثير من التمييز والعنصرية والتفرقة بين الطلاب اللبنانيين والذي فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات خطيرة: هل هي مؤسسة تعليمية فعلية، أم واجهة انتخابية لحزب القوات اللبنانية؟
منح انتخابية على قياس حزب
فقد حصل "ليبانون ديبايت" على نسخة من كتاب أصدرته الجامعة، تُعلن فيه عن حسومات تصل إلى 50% من الأقساط الدراسية للطلاب الجدد من قضاء بشري. ظاهرياً، تبدو المبادرة وكأنها خطوة اجتماعية لمساعدة الأهالي في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة. لكن سرعان ما تبيّن أن ما يجري ليس أكثر من رشوة انتخابية علنية تحت غطاء أكاديمي.

إذ وفق معلومات "ليبانون ديبايت"، لم يعد شرط الاستفادة من المنح مرتبطاً حصراً بالانتماء إلى قضاء بشري، بل أصبح الشرط الوحيد هو المرور عبر مكتب النائب ستريدا جعجع، الذي يرفع لائحة أسماء إلى إدارة الجامعة لتُمنح المساعدات، أي أن الطالب المحتاج لا يحصل على حقه كطالب، بل كـ"اسم" محسوب على مكتب سياسي!
تزوير لإرادة الناس
بهذا السلوك، تتحوّل المنحة الجامعية من حق أكاديمي قائم على أسس شفافة إلى رشوة سياسية مموّهة. فابن زحلة مثلاً، إذا لم يكن مؤيداً للقوات اللبنانية، يُحرم من الدعم. والمسلم الذي لا يمر اسمه عبر مكتب جعجع، يُقصى تلقائياً. هل هذه هي العدالة الاجتماعية التي تتغنّى بها الجامعة؟ أم هو تزوير مكشوف لإرادة الناس بهدف شراء الأصوات؟
هكذا تُدار الـ Financial Aid في الجامعات المحترمة
للتذكير فقط، في الجامعات التي تحترم نفسها حول العالم، هناك آليات صارمة وواضحة لإدارة الـ Financial Aid:
• تقديم طلب رسمي عبر مكتب مختص داخل الجامعة.
• إرفاق المستندات المالية (دخل العائلة، المصاريف، الممتلكات…).
• لجنة مستقلة تدرس الملفات وتحدد قيمة المساعدة.
• منح الدعم بشكل شفاف، عبر منحة أو قرض أو عمل جزئي داخل الحرم الجامعي.
• تجديد المساعدة سنوياً بناءً على الأداء الأكاديمي.
أما في الـ AUST ، فالمعادلة واضحة: "إذا لم يُرسل اسمك مكتب ستريدا جعجع، لا منحة لك". فهل هذه جامعة أم دكانة حزبية؟
التعليم رهينة المال والسياسة
الخطورة أنّ هذه الممارسات تحصل في وقت يُعاني فيه اللبنانيون من انهيار مالي غير مسبوق: الرواتب شبه معدومة، الأسعار تحلّق، وأقساط الجامعات باتت كابوساً حقيقياً للأهالي. بدل أن يكون التعليم حقاً مقدساً ومجالاً لتكافؤ الفرص، يتحوّل إلى سلعة انتخابية تُباع وتُشترى على أبواب صناديق الاقتراع.
سؤال برسم وزارة التربية
"ليبانون ديبايت" يضع ما يجري أمام وزيرة التربية ريما كرامي: هل تقبل الوزارة أن تتحوّل جامعة خاصة في لبنان إلى مكتب انتخابي مقنع؟ هل من المقبول أن يُختصر مستقبل الطلاب بمكتب حزبي يقرر من يستحق العلم ومن لا يستحق؟ وهل دور الجامعات في لبنان هو تُخرّج كوادر حزبية، أم أن تتحوّل إلى مكاتب انتخابية مقنّعة؟
ما يجري في الـ AUST ليس مبادرة اجتماعية، بل هو تسليع للعملية التربوية وتطويعها لخدمة ماكينة انتخابية. إنّه ضرب لجوهر التعليم، وفضيحة أكاديمية بكل ما للكلمة من معنى. وعليه، فإن الصمت الرسمي على هكذا ممارسة لا يُفسَّر إلا كتواطؤ أو إهمال، في وقت بات فيه التعليم آخر ما تبقى للبنانيين ليحلموا بمستقبل أفضل.