وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف
أيها المسلمون، أيها الإخوة المواطنون : في أزمنة المحن والبلاء، يتطلع الناس إلى نافذة للرجاء والأمل . والنافذة المحببة التي تذكرنا اليوم بالنور الذي سطع على مكة والجزيرة والعالم، هي نافذة مولد محمد صلوات الله وسلامه عليه .
في ذكرى المولد النبوي نتذكر طفولته الشاقة وحبه للأطفال طوال حياته . ونتذكر اتساع أفقه، ولطفه مع الناس، والتضامن الإنساني، والإصلاح بين الناس، وحدبه على الفقراء والضعفاء.
اضاف:"ما مر العالم العربي بظروف أصعب من تلك التي شهدناها ونشهدها في السنوات الأخيرة. لا مذبحة كمذبحة غزة الجارية منذ عامين تحت سمع العالم وبصره. وإلى ذلك هناك اضطهاد أهل الضفة والقدس، والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى. ونحن نعرف ونتابع الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول العربية لوقف الحرب، وللعودة إلى حل الدولتين. فلا يصح الصراخ والتشهير وبخاصة أن هؤلاء الصارخين لا يفعلون شيئا ولا يستطيعون على طريقة : (كلما دخلت أمة لعنت أختها) . وكأنما يصبح التلاعن إنقاذا والعياذ بالله".
وتابع:"لقد كنا محظوظين أيها الإخوة والأخوات بأن اكتمل لدينا في لبنان عقد المؤسسات الدستورية وسط هذا الخضم المضطرب. وقد أجمعنا في خطاب القسم وفي بيان الحكومة على استعادة الدولة ومؤسساتها وجيشها وسلاحها، واجتراح عمليات إصلاحية جذرية، كان ينبغي أن تحصل قبل سنوات وسنوات. إن مطلب حصر السلاح بيد الدولة هو مطلب لبناني أصلي وأصيل. وقد نختلف على هذا الأمر أو ذلك صغيرا كان أو كبيرا، لكن لا يجوز أن نختلف على استعادة الدولة من الفساد ومن السلاح. لا دولة فيها جيشان. والميليشيات المسلحة المنتشرة في بلدان عربية عدة عطلت وتعطل قيامة دولة لكل المواطنين وليس لحملة السلاح. ما عاد من الممكن أن يسيطر تحالف السلاح والفساد على الدولة اللبنانية، أو ينتهي لبنان الذي نتصوره دائما بصورة زاهية، ما عاد باقيا منها غير آثار احتفالية".
واضاف:"نعم قد نختلف في المجال العام على أمور وأمور، أما الدولة والجيش فلا يجوز الاختلاف عليهما. ورغم ذلك إذا اختلفنا فلا يجوز ولا يصح التشاتم والتخوين، وتكبير الصغائر والاستخفاف بمصالح الوطن وهيبة الدولة. نحن نرى أن قرار السلم والحرب ينبغي أن يكون ويبقى بيد الدولة ومؤسساتها المختصة، وبالطبع هو أمر خطير هذه الاتهامات التي توجه لكبارنا لا نقبل بها بأي حجة. فلنقف جميعا في وجه أولئك الذين يريدون عزل هذه الطائفة أو تلك لصالحهم أو لصالح المتدخلين الخارجيين. وإن سياسة لا ضرر ولا ضرار هي من تمام الحكمة والعدل والمنطق الذي ينبغي أن نعالج بها قضايانا، ولنتطلع بأمل وثقة إلى وطننا ودولتنا، فالثقة هي الأساس في سلوك الطريق المستقيم بلبنان، وآن لنا أن نبني وطننا من خلال الدولة ومؤسساتها، ولا يزال لدينا أمل، بأن الفرج آت، مهما اشتدت الصعاب. والمبادرات يعول عليها" .
وختم:"في ذكرى المولد النبوي الشريف نريد أن تكون هذه الذكرى داعية للوحدة والسلم وصنع الجديد والمتقدم، ونريد في هذه الذكرى أن يشعر اللبنانيون بالتغيير المنشود ليس في مسألة السلاح فقط، بل وفي قضايا الفساد الكبرى ، وأخيرا في بناء الجديد المطلوب والمرغوب. لا يجوز أن يكون الهم الإدانة والتخوين ، بل الاستحثاث والتقدير والتقويم الصحيح.