اهتزّ إحساس دول الخليج بالأمان بعد القصف الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، الذي استهدف مقرّاً يضم قيادات من حركة "حماس"، لتجد العواصم الخليجية نفسها أمام تحدٍ غير مسبوق يقترب من حدودها أكثر من أي وقت مضى.
قطر أعلنت أن الرد سيكون إقليمياً وجماعياً، وأوضح رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أنّ القرار النهائي سيُتخذ خلال القمة العربية ـ الإسلامية الطارئة التي ستُعقد في الدوحة الاثنين، مؤكداً أنّ "التشاور جارٍ مع الشركاء الإقليميين من أجل بلورة موقف موحّد".
الإمارات كانت أول المبادرين بعد الهجوم، إذ وصل الرئيس محمد بن زايد آل نهيان إلى الدوحة في زيارة عاجلة، شملت البحرين وعُمان لتنسيق المواقف. كما استدعت أبوظبي دبلوماسياً إسرائيلياً وندّدت بما وصفته بـ"الهجوم الفاضح والجبان".
المحللون يرجّحون أن تلجأ دول الخليج إلى خطوات دبلوماسية مشتركة لردع إسرائيل، بينها خفض مستوى العلاقات أو مراجعة المشاركة في "اتفاقات أبراهام". وفي الوقت نفسه، دفعت قطر بمسار قانوني عبر مجلس الأمن، حيث نجحت في تمرير بيان يدين القصف الإسرائيلي، وهو ما قد يفتح الباب أمام تحرّكات قضائية أوسع على المستوى الدولي.
على المستوى العسكري، برز الحديث عن إمكانية تفعيل قوة "درع الجزيرة" كخيار ردعي. ويرى خبراء أنّ هذا التطور قد يكون مناسبة لإحياء بنود الدفاع المشترك بين دول الخليج، بما يشمل دمج أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي، وتأسيس قيادة عسكرية موحّدة.
الرد الخليجي قد يتجاوز الجانب العسكري والسياسي إلى الاقتصادي. فصناديق الثروة السيادية الهائلة في السعودية والإمارات وقطر والكويت قادرة على التأثير في أسواق عالمية، وربما فرض قيود على الشركات المتعاملة مع إسرائيل. ويرى مراقبون أن الاستثمارات الخليجية الضخمة في الولايات المتحدة ـ والمقدّرة بثلاثة تريليونات دولار خلال العقد المقبل ـ قد تتحول إلى ورقة ضغط إذا استمر شعور دول الخليج بأن أمنها مهدد من حليف واشنطن الأقرب.
بهذا، يبدو أنّ قمة الدوحة المرتقبة ستكون مفصلية، إذ يترقب العالم ما إذا كان الخليج سيلجأ إلى خطوات غير مسبوقة، تجمع بين الدبلوماسية والقانون والاقتصاد وربما القوة العسكرية، في مواجهة تداعيات القصف الإسرائيلي الذي أعاد رسم ملامح المشهد الأمني في المنطقة.
الـــمــــزيــــــــــد
