مدينة نازية خفية في بولندا... من آلة حرب إلى سياحة مظلمة (صور)

للوهلة الأولى، يبدو الريف المحيط بقرية بنيفو (Pniewo) البولندية هادئاً، لكن تحت هذا السكون تكمن قصة قاتمة: مدينة نازية تحت الأرض.

المجمع المعروف باسم "Oder-Warthe-Bogen" أو "Ostwall" هو شبكة محصّنة شيّدها النازيون في ثلاثينيات القرن الماضي لتأمين الحدود الشرقية لألمانيا ضد بولندا والاتحاد السوفيتي. يمتد المجمع بين نهري أودر وفارتا، ويضم متاهة من الأنفاق، محطات سكك حديدية تحت الأرض، ومرافق قتالية تمتد نحو 30 كيلومتراً. ورغم مرور العقود، ظلّ هذا المشروع الهندسي العسكري بحالة جيدة إلى حدّ كبير.

تغيّرت الأولويات العسكرية الألمانية عام 1938 نحو الغرب، فتعطّل البناء. ومع اجتياح الجيش الأحمر في كانون الثاني 1945، سقطت التحصينات بيد السوفيت خلال ثلاثة أيام، ثم تُرك الموقع مهجوراً.

بعد سنوات، اكتشفت آلاف الخفافيش الأنفاق وحوّلتها إلى موطن للسبات الشتوي، لتصبح واحدة من أكبر مستعمراتها في أوروبا، حيث يؤمّها سنوياً نحو 40 ألف خفاش من 12 نوعاً مختلفاً.

لم يقتصر إرث المجمع على الجنود. ففي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، استقطب المكان فئة عُرفت باسم "أفراد المخابئ" (Bunker People)، الذين أقاموا حفلات موسيقية وزفافاً وحتى تجمعات احتجاجية في أعماق الأنفاق. لكن المتاهة لم تخلُ من المخاطر، إذ سُجلت وفيات بسبب حوادث سقوط وحرائق. ولا تزال كتابات الـ"غرافيتي" شاهدة على تلك المرحلة.

بفضل دعم الاتحاد الأوروبي وجهود السكان المحليين، أُعيد فتح الموقع في القرن الـ21 كمزار سياحي فريد. وفي عام 2011 افتُتح متحف Międzyrzecz Fortified Region الذي يعرض نحو 30 كيلومتراً من الأنفاق المركزية. ويستطيع الزوار اليوم استكشاف الممرات على عمق 40 متراً تحت الأرض، حيث تعيد دمى العرض العسكرية مشاهد الحياة اليومية لثكنة نازية اندثرت، فيما يخيّم برد الأنفاق وظلال الخفافيش على المكان.