في هذا الإطار، يُحذّر الخبير العسكري العميد المتقاعد أندريه أبو معشر، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، من أن لبنان مقبل على سيناريوهات كارثية إذا لم يُتخذ موقف واضح من كل القوى، وعلى رأسها الحزب، لتفويض الدولة وإعادة النظر في معادلة السلاح، قبل أن تنفرد إسرائيل بتفكيكه بالقوة.
ويلفت العميد أبو معشر، إلى أن إسرائيل مستمرة في عدوانها على لبنان وتنوّع في استهدافاتها، في رسائل واضحة بأنها ستستمر ولن تصغي إلى أحد. وعلى غرار ما حصل في قطر، فإن إسرائيل لا تريد السلام، بل تسعى لتحقيق أهدافها العسكرية بدون أي رادع أخلاقي أو حقوقي أو دولي، أو التزام بجهود السلام.
ويعتبر أن العدوان على النبطية، أمس، جاء كردّ على كلمة رئيس الجمهورية جوزاف عون من الدوحة، الذي قال: "إذا كانت إسرائيل تريد السلام، فنحن جاهزون"، لتردّ إسرائيل من خلال الغارة بأنها لا تريد السلام، بل تريده كما تريد أي استسلام.
ويشير إلى أن الدولة والحكومة والسلطات تقرأ جيدًا هذه الرسائل، ولكنه يسأل عن قراءة حزب الله لها، ليقول ما هي الخيارات المتاحة ليتمكّن الجميع في لبنان من السير بها، مشددًا على أن المطلوب أن تكون هذه الخيارات مقبولة وطنيًا.
وينبّه إلى أن الحزب يقرأ هذه الرسائل بطريقة يبرّر فيها احتفاظه بالسلاح، بما يؤكد نوايا إسرائيل العدوانية، وهي نوايا معروفة، ولكن ما يريده لبنان هو التزام وطني من الحزب بالإنهاء المبرمج للوجود المسلح وفقًا لما صدر في بيان الحكومة بتاريخ 5 أيلول حيث أعادت التأكيد في بيانها على حق لبنان بالدفاع عن نفسه وفقًا للمواثيق الدولية ووجوب تزامن وتلازم الأولويات والإجراءات في التنفيذ وضمان التزام إسرائيل بها، لكي تتمكن من بعدها الدولة من الضغط على المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، فالمجتمع الدولي لا يكتفي بالتزام الدولة وحدها، بل يريد التزامًا واضحًا من الحزب وسائر المكونات. فليس كافيًا أن تضع الدولة خطة، بل يجب أن يكون هناك التزام شامل من قبل جميع الأطراف.
ويوضح أنه بدون هذا الالتزام، فإن الولايات المتحدة لن تمانع في استمرار إسرائيل بتدمير قدرات حزب الله العسكرية، ما لم تشعر بأن هناك مناخًا إيجابيًا يسمح لها بالاستثمار في أمن لبنان والضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانسحابها من الأراضي اللبنانية المحتلة وتحرير الأسرى وضمان استدامة احترام إسرائيل لسيادة لبنان وامتناعها عن خرق حدوده برًا وبحرًا وجوًا.
ويؤكد أن هذا الأمر لن يتحقق إذا استمر حزب الله في تصعيد الموقف، رغم أنه، منذ وقف إطلاق النار، لم يُقدم على خرقه، لكن المطلوب منه هو موقف إيجابي واضح بأنه يقف خلف الدولة اللبنانية في جهودها لإحلال السلام.
ويلفت إلى أن الحزب كان قد أعلن وقوفه خلف الدولة في عهد حكومة الرئيس ميقاتي، لكن اليوم، لبنان في عهد رئاسي جديد، ويجب تجديد هذا الالتزام.
ويتوقع أبو معشر سيناريوهات كارثية، مشيرًا إلى أن ما حصل أمس هو مؤشر لها، محذرًا من أن لبنان لن يكون قادرًا على تحمّل تداعياتها. ويرى أن لبنان مأزوم، وكل الأطراف في مأزق، والحل الوحيد هو اتخاذ موقف وطني واضح، لا لبس فيه، بالتزام كل المكونات السياسية والوطنية، بما فيها حزب الله، بالإطار الذي رسم تفاصيله الرئيس نبيه بري، وعلى الجميع الالتزام به.
ويتابع أن حزب الله لم يصرّح، حتى الآن، بأنه مستعد لتسليم السلاح إذا التزمت إسرائيل بالانسحاب من الجنوب ووقف اعتداءاتها. ويشدد على ضرورة أن يُفوّض الحزب الدولة اللبنانية بهذا الملف، لا سيما أن السلاح لم يعد يشكّل ورقة تفاوضية، فقد خسر الجميع في الحرب، وليس هناك من مكاسب ويجب وقف النزف المستمر من دون أي أفق.