المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الجمعة 19 أيلول 2025 - 07:06 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

لبنان في موقع واحد مع إسرائيل

لبنان في موقع واحد مع إسرائيل

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني


في العام 2005، أقرّت منظمة اليونسكو اتفاقية حماية وتعزيز تنوّع أشكال التعبير الثقافي، باعتبارها خطوة مفصلية لحماية الهويات الوطنية والثقافية من طغيان العولمة وسطوة الشركات العابرة للحدود.

معظم دول العالم سارعت إلى التوقيع، بينها عدد كبير من الدول العربية، إدراكاً منها أنّ الثقافة لم تعد ترفاً، بل سلاحاً وجودياً في زمن تسعى فيه القوى الكبرى إلى فرض نمط ثقافي واحد يذيب الخصوصيات المحلية.


غير أنّ المفاجأة تكمن في أنّ لبنان، بلد الانفتاح والتنوّع والتعدّد، لم يوقّع حتى اليوم على هذه الاتفاقية، رغم أنّه كان طرفاً أساسياً في صياغتها عامي 2002 – 2003. والمفارقة الأعمق أنّ أحد الوزراء الحاليين كان شخصياً مشاركاً في كتابة مسودتها الأولى، لكنّه ومعه الطبقة السياسية لم يترجم هذا الجهد إلى قرار رسمي يضع لبنان في موقعه الطبيعي بين الدول المدافعة عن الثقافة والتنوّع.


هذا التخلّف عن التوقيع لم يكن مجرّد تفصيل إجرائي. فالاتحاد الأوروبي ربط منذ سنوات جزءاً كبيراً من دعمه المالي للقطاع الثقافي بالمصادقة على هذه الاتفاقية. وبما أنّ لبنان تخلّف عنها، فقد حرم نفسه من برامج دعم وتمويل كان يمكن أن تشكّل خشبة خلاص لقطاعه الثقافي المتداعي. فالدعم كان متوفراً، لكن مفتاحه هو التوقيع، والتوقيع لم يحصل!


لكن الصدمة هي أن إلى جانب لبنان، رفضت اسرائيل الاتفاقية خوفاً من الاعتراف بالثقافة الفلسطينية، وأميركا ايضاً رفضتها حمايةً لمصالح شركاتها العملاقة في صناعة الترفيه والإعلام. أما لبنان، فوجد نفسه عن قصد أو عن إهمال في الخندق نفسه معهما، ليخسر فرصة تاريخية ويضع نفسه في مواجهة تناقض صارخ مع رسالته الحضارية التي طالما تباهى بها في المحافل الدولية.


فكيف لبلدٍ يرفع شعار “الرسالة الثقافية” أن يُفَوّت على نفسه أهم اتفاقية تحمي هذه الرسالة؟ واليوم، وبعد مرور عقدين كاملين، يعود النقاش في مجلس النواب حول ضرورة المصادقة على الاتفاقية.


لكنّ السؤال المُحرج يطرح نفسه، هل يُعقل أن يبقى لبنان، بلد الأرز والكتاب والمسرح والموسيقى، أسير تردّد سياسي يجعله يصطفّ عملياً في موقع واحد مع إسرائيل وأميركا ضدّ اتفاقية هو نفسه شارك في صياغتها؟ أم أنّ لحظة التصحيح قد حانت، قبل أن يُقال إنّ لبنان لم يضيّع فقط فرص التمويل، بل فرّط أيضاً بهويته الثقافية ودوره الحضاري في المنطقة والعالم؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة