تعتزم عدة بلديات فرنسية رفع العلم الفلسطيني اليوم الاثنين، في خطوة احتفالية باعتراف باريس بدولة فلسطين، وذلك بالرغم من معارضة وزير الداخلية وصدور أحكام قضائية أولية قضت بعدم الإقدام على هذه المبادرة.
وتشكّل قضية الاعتراف بدولة فلسطين، التي تُعدّ خطوة رمزية بالدرجة الأولى، محور انقسام داخل المجتمع الفرنسي وبين مكونات الطبقة السياسية، خصوصًا مع استعداد فرنسا إلى جانب السعودية لرئاسة قمة مخصّصة للبحث في حل الدولتين على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي الأشهر الأخيرة، بذل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جهودًا كبيرة لدفع هذا التوجه. وتزامنًا مع القمة، دعا الأمين الأول للحزب الاشتراكي أوليفييه فور إلى أن "يرفرف" العلم الفلسطيني على كل البلديات في 22 أيلول، مطالبًا الرئيس الفرنسي بالموافقة على هذه المبادرة.
في المقابل، طلب وزير الداخلية المستقيل برونو روتايو، المنتمي إلى حزب الجمهوريين (يمين)، من البلديات الامتناع عن رفع العلم الفلسطيني. وأوضح في برقية اطّلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أنّ "مبدأ حياد الخدمة العامة يحظر مثل هذا التزيين بالأعلام"، داعيًا المحافظين إلى اللجوء إلى القضاء الإداري ضد قرارات رؤساء البلديات الذين لن يتراجعوا عن ذلك.
وعلى الرغم من هذه الاعتراضات، يعتزم عدد من رؤساء البلديات، خصوصًا في منطقة باريس، رفع العلم الفلسطيني فوق مبانيهم اليوم الاثنين، متحدّين القرارات القضائية الأولية التي تمنع ذلك. ففي بلدية مالاكوف، أعلنت رئيسة البلدية الشيوعية جاكلين بيلهوم أنها لن تزيل العلم الفلسطيني "قبل الثلاثاء"، متجاهلة أمرًا قضائيًا صادرًا عن محكمة إدارية بناءً على استئناف قدّمه محافظ المنطقة. وقد لجأ هذا الأخير مجددًا إلى المحكمة طالبًا فرض غرامة مالية إلى حين إزالة العلم.
أما رئيس بلدية سان دوني القريبة من باريس، ماتي هانوتين (الحزب الاشتراكي)، فأكد لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ رفع العلم الفلسطيني "ليس عملًا نضاليًا طويل الأمد، بل خيارًا" جاء في وقت يقوم فيه الرئيس ماكرون بإضفاء الطابع الرسمي على اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية. وبالمثل، أعلن رئيس بلدية سانت أوين المجاورة كريم بوعمران (الحزب الاشتراكي) أنه سيتخذ الخطوة نفسها، لكنه سيرفع أيضًا العلم الإسرائيلي. وسيلتزم نظراؤه الاشتراكيون، أرنو ديلاند في ليل، وجوانا رولان في نانت، بهذه التعليمات المتعلقة بالعلم الفلسطيني.
في المقابل، لا ينسحب هذا التوجه على جميع البلديات المحسوبة على اليسار، إذ قررت بلدية كريتيل في جنوب شرق باريس عدم المشاركة في هذه المبادرة. وأوضح رئيس البلدية لوران كاتالا (الحزب الاشتراكي) أن "مسؤوليته الأولى يجب أن تكون الحفاظ على التماسك الاجتماعي داخل البلدية".
وفي مرسيليا، ثاني أكبر المدن الفرنسية، تعهّد رئيس البلدية بينوا بايان، الذي يقود غالبية يسارية، اتخاذ "إجراء قوي" الاثنين، لكنه أوضح أنّ هذا الإجراء لن يتضمّن رفع العلم الفلسطيني.
أما في جنوب غرب البلاد، فقد قرر رئيس بلدية شيوعي لبلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 3 آلاف نسمة إزالة العلم الفلسطيني يوم السبت بعدما كان قد رفعه الجمعة، وذلك إثر إحالة المحافظ القضية إلى المحكمة الإدارية.
وقد قوبلت هذه التحركات بانتقادات حادة من جانب مسؤولين منتخبين وممثلين عن حزب الجمهوريين وحزب التجمع الوطني، الذين وصفوا هذه الخطوة بأنها "مناورة سياسية".
وردًا على ذلك، أعلن رئيس منطقة بروفانس ألب كوت دازور، رونو موزولييه، المنتمي إلى حزب النهضة الذي يقوده ماكرون، أنه سيرفع نحو 20 علمًا فرنسيًا، ردًا على ما اعتبره "حسابات سياسية".