المحلية

حسن مشيك

حسن مشيك

ليبانون ديبايت
الاثنين 22 أيلول 2025 - 21:53 ليبانون ديبايت
حسن مشيك

حسن مشيك

ليبانون ديبايت

النافعة مش نافعة… والفساد "على عينك يا دولة"

النافعة مش نافعة… والفساد "على عينك يا دولة"

"ليبانون ديبايت" - حسن مشيك


منذ وصول رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى سدة الرئاسة، عُلّقت آمال كبيرة على عهده لإحداث تغيير حقيقي في مؤسسات الدولة وتحسين الوضع في لبنان، خصوصًا مع ما رافق بداياته من خطوات بدت حازمة ورسائل واضحة بأن زمن الفساد ولى. وما زاد من هذا الزخم سلسلة الزيارات المفاجئة التي قام بها الرئيس عون الى بعض الدوائر الرسمية والمرافق الحكومية، وأطلق من داخلها تصريحات أكد فيها أن لا تساهل بعد اليوم مع المرتشين والفاسدين.


لكن الصورة على الأرض مختلفة تمامًا. فحتى اللحظة، لا نتائج ملموسة، بل إن كثيرين يعتبرون أن الأمور بقيت على حالها، إن لم نقل ازدادت سوءًا. وأبرز مثال على ذلك، ما يحصل داخل مصلحة تسجيل السيارات والآليات – النافعة، حيث الفساد لا يزال مستشريًا بأساليب جديدة ومبتكرة، على مرأى ومسمع الجميع.


فساد بوجه جديد


في الماضي، كان بإمكان البعض الحصول على رخصة قيادة من منازلهم عبر مكاتب السوق، مقابل دفع مبالغ اكثر من التكلفة المطلوبة لإنجاز المعاملات، ومن دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء الحضور إلى المركز أو الخضوع للامتحانات. اليوم تغيّر الشكل، لكن الجوهر بقي ذاته. فاليوم بات الجميع يحضر إلى مركز النافعة، لكن هذا الحضور عند البعض لا يتعدى كونه إجراءً شكليًا، إذ إن الامتحانات – سواء النظرية عبر الكومبيوتر أو التطبيقية على الأرض – ما زالت عرضة للتلاعب.


الأبواب ما زالت تُفتح لبعض اصحاب مكاتب السوق


مصادر أكدت أن أصحاب المكاتب ما زالوا يحظون بنفوذ واسع داخل النافعة، حيث تُفتح أمامهم كل الأبواب، فيما تُغلق بوجه المواطنين العاديين. الرشى لا تزال وسيلة فعّالة لتسيير المعاملات، والممارسات نفسها التي وعدت السلطة بوقفها ما زالت تتكرر يوميًا.


الغش على الكاميرات


وعلى الرغم من وجود كاميرات مراقبة في مراكز الامتحان النظري، توضع مباشرة أمام كل مواطن، إلا أن الفساد وجد طريقه إلى الالتفاف على هذه الإجراءات. فبعض الموظفين يقفون إلى جانب الشخص المراد مساعدته، لكن بطريقة مدروسة تمنع ظهورهم على الكاميرات، ليقوموا بعملية الغش من دون أي عوائق.


امتحان القيادة… و“خبط الكوينات”!


المشهد لا يختلف كثيرًا في الامتحان التطبيقي للقيادة. فالمفترض أن اصطدام المتقدّم بعلامات الطريق (المعروفة بالـ “كوينات”) يُعتبر خطأً يلغي الامتحان ويجبر المتقدّم على إعادة المحاولة بعد شهر كامل. إلا أن الواقع مغاير: كثيرون يحصلون على دفاتر القيادة رغم فشلهم الواضح في الامتحان، ما يحوّلهم إلى سائقين خطرين على أنفسهم وعلى حياة الآخرين.


ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يبتكر بعض أصحاب مكاتب السوق أساليب غش غير تقليدية، كاستخدام هاتف موضوع على مكبّر الصوت داخل السيارة خلال الاختبار، ليُلقَّن المتقدّم تعليمات مباشرة، متفاديًا بذلك جوهر الامتحان التطبيقي بفضل هذا الغش الممنهج.


خطر على السلامة العامة


هذا الخلل لا يُعتبر مجرد فساد إداري عابر، بل قضية تمسّ السلامة العامة مباشرة. فوجود أشخاص على الطرقات يحملون رخص قيادة من دون أن يمتلكوا الحد الأدنى من الكفاءة، يعرّض حياة المواطنين لخطر داهم. وبذلك، يصبح الفساد في النافعة شريكًا مباشرًا في الحوادث المرورية المميتة، التي تزداد يومًا بعد يوم في لبنان.


وعود رئاسية… وواقع مؤلم


المفارقة أن كل ذلك يحصل بعد أشهر من وعود رئاسية متكررة بأن عهد الفساد قد انتهى. غير أن استمرار هذه الممارسات، رغم “الكبسات” الإعلامية للرئيس، يطرح تساؤلات جدّية حول قدرة الدولة فعليًا على ضبط المؤسسات، أو حتى رغبتها في ذلك.


النافعة اليوم مرآة تعكس حجم المأساة الإدارية في لبنان. ورغم كل الكلام عن الإصلاح، فإن الواقع يُثبت أن الفساد أذكى من القوانين، وأسبق من القرارات، وأعمق من أي تصريح رسمي. وما لم تُتخذ خطوات عملية وجذرية لمواجهة هذه الظاهرة، ستبقى النافعة – وغيرها من المؤسسات – عنوانًا للرشوة والمحسوبية، على حساب الدولة والمواطن معًا.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة