في هذا الإطار، رأى العميد أكرم سريوي، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنّ "حتى الآن من غير الواضح بشكل دقيق كيف سيتم القبول بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، لأنها تتضمّن بعض البنود التي لم توافق عليها حماس سابقًا، وقد تطلب الحركة بعض التعديلات عليها".
وأضاف: "ما زلنا أمام حالة من الانتظار والترقّب، لأنه ليس بالضرورة أن تنجح هذه الخطة أو تمهّد للسلام في غزة".
أما بالنسبة للبنان، فأكّد سريوي أنّ "هناك تهديدات واضحة وصريحة نقلها المبعوث الأميركي توماس براك أكثر من مرة، واستخدم لغة قاسية تجاه لبنان في الاجتماع الأخير، حيث حدّد مهلة للحكومة، وإلّا فإن إسرائيل هي التي ستتصرّف. إذًا، احتمالات الحرب مع لبنان قوية جدًا، خاصة أن إسرائيل ترى أنّه لا داعي لأن تتنازل عن أي شيء".
وأضاف: "إسرائيل تريد أولًا تثبيت صورة النصر مع لبنان، خصوصًا إذا كانت ستوقّع على الاتفاق أو إذا قبلت حماس فعلاً بخطة ترامب. فالإخفاق الذي حصل للجيش الإسرائيلي في غزة في تحقيق أهدافه بواسطة القتال يجب تعويضه، سواء في لبنان أو سوريا، بصورة نصر. وتثبيت هذه الصورة يستدعي إخضاع لبنان للإملاءات والشروط الإسرائيلية".
وتابع: "إما أن يذهب لبنان فعليًا وينفّذ خطة الجيش بحصرية سلاح المقاومة، أو ستقدم إسرائيل على تنفيذ المهمّة، وقد يُعيد ذلك مشهد الحرب بشكل ربما أكثر عمقًا من السابق".
وعن احتمال حدوث اجتياح بري للبنان، أشار سريوي إلى أنّ "في المرحلة الماضية ربما كان الإسرائيلي يتجنب عمليات الاجتياح أو حاول ذلك، لتجنّب الخسائر كونه كان هناك مقاومة شرسة في وجهه. لذلك، فإن السياسة الإسرائيلية الجديدة تقوم، كما شاهدنا في غزة، على القتال عن بُعد، أي عدم الالتحام مع رجال المقاومة، وتدمير كل شيء وفق سياسة الأرض المحروقة، كما حدث مؤخرًا في القرى الحدودية".
وأضاف: "لذلك أعتقد أن الإسرائيلي سيستخدم العنف المفرط باستهداف القرى الحدودية تحديدًا، وربما يصل الأمر إلى استهداف المدنيين في بيروت. وبالتالي، الحرب ستكون أعنف وأكثر ضغوطًا من المرة الماضية".
وأوضح سريوي أنّ "حزب الله في الفترة السابقة ركّز ضرباته على الأهداف والمواقع العسكرية الإسرائيلية، ولم يستهدف بشكل كبير المراكز المدنية. لم نشهد أن حزب الله أطلق مسيّرات أو صواريخ على قلب تل أبيب أو حيفا، بل كان يتجنب استهداف المدنيين، في حين كانت المراكز المدنية اللبنانية معرضة لمزيد من القصف".
وأضاف: "لكن هذه المرة، أعتقد أنّ الحرب بالنسبة لحزب الله لم تعد مسألة ربح أو خسارة، بل حرب وجودية. حزب الله يدرك أنّ الإسرائيلي يريد القضاء على المقاومة، وبالتالي هذه حرب وجودية. هو لا يريدها لأنه يعلم أنّها ستكون مكلفة جدًا، لكن إذا فُرضت عليه، فلن يكون أمامه خيار سوى القتال بكل الوسائل المتاحة والدفاع عن نفسه".
وتابع: "لذلك نرى هذه المواقف المتشددة أو المتصلبة، أي أنّ الحزب لن يتخلى عن سلاحه طالما لا توجد ضمانات بأن إسرائيل ستوقف تهديداتها وتنسحب من الأراضي اللبنانية. يخشى حزب الله أنه إذا سلّم سلاحه، أن يحدث معه ما حدث للقوات اللبنانية بعد اتفاق الطائف. من يضمن ألا تطالب إسرائيل بعد نزع سلاح المقاومة بحلّ حزب الله واعتباره منظمة إرهابية؟ هذا ما يخشاه الحزب، ولذلك يتمسك بسلاحه، ويصرّ على أن يسبق أي نقاش حول تسليم السلاح حوار وطني، وأن يسبق ذلك وقف الاعتداءات الإسرائيلية والتزامها بتنفيذ القرار 1559".
وختم سريوي بالتأكيد على أنّ "كل المؤشرات توحي بأن لبنان سيكون أمام حرب أشد شراسة من حرب أيلول، في حال لم تطبق الدولة خطة الجيش اللبناني بحصرية السلاح".