في مشهد أثار تساؤلات واسعة واستعاد أجواء الحرب الباردة، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اجتماعاً مفاجئاً داخل قاعدة عسكرية في ولاية فرجينيا، جمع خلاله كبار قادة الجيش من مختلف أنحاء العالم.
اللقاء الذي وُصف بالغموض جاء في توقيت حساس تتصاعد فيه التوترات مع روسيا والصين، وسط حديث عن مضاعفة إنتاج السلاح الأميركي ومساعٍ لفرض واشنطن حضورها مجدداً في آسيا الوسطى، من بوابة أفغانستان تحديداً.
شدّد ترامب خلال الاجتماع على أنّ الولايات المتحدة بنت "أعظم جيش في العالم" وتستعد لإنتاج "أعظم مقاتلة في التاريخ من الجيل السادس"، مشيراً إلى إرسال غواصة نووية "الأشد فتكاً" في مواجهة التهديد الروسي.
أما وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، الذي أدار اللقاء، فأكد أنّ مهمة الجيش الأولى هي "الاستعداد للحرب بلا هوادة"، محذراً من أن أي طرف يتحدى الولايات المتحدة "سيدفع الثمن".
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، بدأ البنتاغون بالفعل مضاعفة إنتاج الصواريخ أربع مرات لتعويض النقص الذي تسببت به الإمدادات العسكرية إلى أوكرانيا وإسرائيل.
كما أُنشئ "مجلس تسريع الذخائر"، في خطوة تعكس شعوراً بالعجلة لتعزيز القدرات العسكرية. هيغسيث طرح أيضاً فكرة رمزية تتمثل بإعادة تسمية "وزارة الدفاع" إلى "وزارة الحرب"، في إشارة إلى توجه أيديولوجي أكثر صراحة وعدوانية داخل إدارة ترامب.
وترى واشنطن أن آسيا الوسطى ستكون ساحة الاشتباك المقبلة، نظراً لأهميتها في شبكات التجارة العالمية، حيث تتقاطع مشاريع الصين وروسيا مع المشروع الأميركي ـ الهندي ـ الخليجي.
ولذا تدفع إدارة ترامب باتجاه العودة إلى أفغانستان واستعادة قاعدة باغرام الجوية، رغم أن الصين وروسيا سارعتا لملء الفراغ بعد الانسحاب الأميركي عبر تطبيع العلاقات مع طالبان.
البعد الاقتصادي حاضر أيضاً، إذ تمتلك أفغانستان معادن استراتيجية تُعتبر أساسية في سباق التكنولوجيا العالمي. وهذا ما يزيد من أهمية النفوذ الأميركي هناك.
في المقابل، يرى خبراء أن واشنطن تواجه معضلة الاستنزاف العسكري، بعدما استُهلك جزء كبير من مخزونها العسكري لصالح أوكرانيا وإسرائيل، فيما تضاعف روسيا إنتاجها من الدبابات والصواريخ بثلاثة أضعاف إنتاج الغرب مجتمعاً.
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون، إدموند غريب، علّق على الاجتماع معتبراً أنه رسالة مزدوجة: في الداخل لإظهار ترامب بمظهر القائد القادر على إعادة بناء الجيش، وفي الخارج كتحذير صريح لروسيا والصين. لكنه حذّر من أن السياسات المتخبطة والضغوط الاقتصادية تجعل الولايات المتحدة أقل قدرة على فرض إرادتها كما في السابق.
المشهد يعكس إعادة رسم واشنطن لاستراتيجيتها العسكرية، وسط سباق تسلح عالمي وتغير موازين القوى، لكن يبقى السؤال: هل الهدف خوض حرب جديدة، أم مجرد ردع الخصوم وتثبيت النفوذ الأميركي في معادلة دولية سريعة التحول؟