"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي
أنهى فريق من صندوق النقد الدولي، بقيادة إيرنستو راميريس ريغو، زيارة مقتضبة إلى بيروت خلال الفترة 22-25 أيلول الماضي، ناقش فيها التطورات الاقتصادية الأخيرة والتقدم المحرز نحو تنفيذ الإصلاحات الأساسية. اجتمع فريق البعثة مع المسؤولين في مصرف لبنان والوزراء المعنيين، لتقييم الوضع الاقتصادي في لبنان بعد موسم الصيف، ومتابعة الإصلاحات المطلوبة من الحكومة اللبنانية بعد إقرار قانون “إعادة انتظام العمل المصرفي”، وتحضيرات كل من مصرف لبنان ووزارة المالية لمسودة “قانون الفجوة المالية” أو “قانون تحديد مصير الودائع”، ووضع المالية العامة في الـ2025 ومشروع موازنة الـ2026.
غبريل: لا توقيع مع لبنان قبل إقرار قانون الفجوة في البرلمان
يلفت رئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس والخبير الاقتصادي نسيب غبريل لـ”ليبانون ديبايت”، إلى أن “الوفد اعتبر أن هناك تقدمًا في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من لبنان لكنه بطيء، سواء أكان من خلال تعزيز احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية، واستمراره في سياسة عدم تمويل الدولة، وتحقيق المالية العامة فائضًا في العام 2024 ومن المتوقع أن تحقق فائضًا أيضًا في العام 2025، والتشدد في سياسة عدم تسجيل عجز في الموازنة العامة، كما اعتبر الوفد أن الوضع الاقتصادي في لبنان تحسن نوعًا ما، بسبب الموسم السياحي الذي اعتمد على الاغتراب اللبناني ومستوى استهلاك مقبول”.
يضيف: “الوفد لم يبدِ رضاه على مشروع موازنة 2026، معتبرًا أنه يجب أن يكون أكثر طموحًا لجهة تعزيز الإيرادات، وتحقيق فائض أولي يوازي 1.7 بالمئة من الناتج المحلي. بالإضافة إلى ترقبهم لملف حساس جدًا هو قانون ما يسمى بالفجوة المالية، إذ يعتبرون (لم يفصحوا عن رأيهم بشكل رسمي) أن هذا القانون يجب أن يلتزم بالمعايير الدولية، وكل المشروع الإصلاحي للدولة اللبنانية (إصلاح القطاع المصرفي والفجوة المالية)، يجب أن يتوافق مع منهجية صندوق النقد”.
يوضح غبريل أن “الوفد يتابع من واشنطن كل الإصلاحات والخطوات التي تقوم بها الحكومة اللبنانية، ولديهم ملاحظات على مشروع قانون إعادة إصلاح القطاع المصرفي واقترحوا تعديلات عليه، لكي يلاقي المعايير الفضلى العالمية، وشددوا على أن كل برنامج الإصلاحات التي ستضعها الحكومة يجب أن يتطابق مع هذه المعايير، مثل التزامات الدولة لاستدامة الدين العام”، لافتًا إلى أن “السلطات اللبنانية هي من طلبت إعادة المفاوضات مع صندوق النقد للتوصل إلى مشروع إصلاحي وتمويلي بنحو 4 مليارات دولار، لذلك ما يريده الصندوق هو التأكد أن الدولة اللبنانية لديها القدرة على رد ما ستقترضه، سواء منه أو من الجهات المانحة الأخرى التي ستبدي استعدادها لمساعدة لبنان بمجرد توقيع الاتفاق مع الصندوق”.
ويؤكد أنه “بالنسبة للصندوق، استدامة الدين العام في لبنان هي أمر أساسي، وأيضًا ضرورة إعادة هيكلة الدين العام (سندات اليوروبوندز) وتخفيض التزامات الدولة، وعلى الأقل أن لا تأخذ التزامات جديدة ومنها مبلغ 16 مليارًا و500 مليون دولار، الموجود على ميزانية مصرف لبنان كدين على الدولة وهذا ما ترفضه الحكومة”، مشيرًا إلى أنه “حاليًا هناك نقاش وتواصل إيجابي حول هذا الموضوع بين الحكومة والمركزي، والأخير يقول إنه يملك كل المستندات التي تثبت أن هذا المبلغ هو دين على الدولة، وهذا ما ترفضه الحكومة معتبرة لو أنه كذلك لكان أُدخل ضمن احتساب الدين العام، وحسم هذا الموضوع يهم صندوق النقد الذي يشدد على أن مساهمة الدولة في تحديد مصير الودائع يجب أن لا تدخل في أصول الدولة وتحميلها التزامات إضافية إلا إعادة رسملة مصرف لبنان”.
ينقل غبريل أن “المسؤولين اللبنانيين يقولون إن الوقت يداهم لبنان للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، وهذا الأمر يجب أن يتحقق قبل نهاية العام الحالي، وبعد هذه الزيارة سيكون لقاء آخر بينهم ووفد صندوق النقد خلال اجتماعات الصندوق السنوية هذا الشهر”، جازمًا بأن “الصندوق لن يوقع اتفاقًا مع لبنان قبل إقرار قانون تحديد مصير الودائع، وهذا أمر يحتاج إلى وقت سواء في الحكومة أو المجلس النيابي لدرسه ثم إقراره، وبذلك نكون على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة، والسؤال هل سيصوت مجلس النواب على هذا القانون قبل فترة قصيرة من الانتخابات؟”.
يضيف: “بحسب متابعتي، صندوق النقد سيطلع على مشروع قانون الفجوة المالية، ويريد أن يكون منجزًا من مجلس النواب وليس فقط في الحكومة، وهناك آراء مختلفة في لبنان حوله إذ أن هناك رأيًا يعتبر أن توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان هي دين تجاري، والتزام مصرف لبنان تجاه المصارف (أي المودعين) يجب فصله عن الدين العام الذي هو دين سيادي، ويمكن للدولة اللبنانية التفاوض مع حاملي سندات اليوروبوند لإعادة هيكلة الدين العام، بمعايير صندوق النقد من دون الدخول في قانون تحديد مصير الودائع”.
ويختم: “هناك رأي يعتبر أن كل هذه الالتزامات هي التزامات على الدولة، ويجب أن تدخل الودائع المصرفية لدى مصرف لبنان بعملية إعادة هيكلة اليوروبوندز، أو على الأقل أن تعكس نتائج إعادة الهيكلة، كما أن هناك آراء مختلفة حول الجهة التي يجب أن تتحمل مسؤولية رد 16 مليار دولار، والقرار هو عند السلطة التنفيذية، لأن مصرف لبنان يبدي رأيه الاستشاري فقط”.