الخطوة التي وُصفت بأنها سابقة فريدة من نوعها، أثارت موجة استياء واسعة بين عناصر الكشافة وأهالي البلدة، الذين عبّروا عن دهشتهم من هذه "الغيرة البلدية" المفاجئة على موقف سيارة إسعاف، في وقتٍ تعاني فيه البلدة من أزماتٍ حقيقية لا تُحصى ولا تُعد.
فالسيارة المعنية، بحسب مصادر في كشافة الرسالة لـ"ليبانون ديبايت"، تعمل منذ اندلاع حرب أيلول دون توقف، حيث تنقل الجرحى وتساعد المرضى وتساهم في الحفاظ على السلم الصحي والاجتماعي.
وتلفت المصادر إلى أنّ عناصر الدفاع المدني وكشافة الرسالة استقرّوا في مبنى مدرسة قديمة داخل البلدة قبل نحو 6 سنوات، وبعد الانتخابات الأخيرة وفوز بلدية جديدة بالتزكية، بدأت مطالبات من قبل الرئيس الجديد بإخلاء مبنى المدرسة لتحويله إلى مبنى رسمي للبلدية.
وبعد أخذٍ وردّ واتصالاتٍ مطوّلة، جرى الاتفاق على تقسيم المدرسة إلى قسمين: أحدهما للبلدية والآخر للكشافة. ومنذ ذلك الحين، بقيت سيارة الإسعاف في مكانها المعتاد أمام القسم الذي لم يُستعمل فعليًا بعد من قبل البلدية.
لكنّ الرئيس، كما يبدو، يرى أنّ السيارة "تشوّه المشهد البلدي"! فبدلًا من أن يضع يافطة تشير إلى وجود البلدية أو أن يبدأ فعليًا بأعمال الترميم، اختار أن يسطّر محضر ضبط بحق سيارة إسعاف تنقذ الأرواح.
المصادر استهجنت هذا التصرف واعتبرته خطوة غير مدروسة وغير مسؤولة، مضيفةً أنّ الرئيس "يطمع منذ البداية بالمدرسة كلّها"، فرغم الاتفاق على تقسيمها إلى قسمين والموافقة التي صدرت عنه، لم يُقدِم على أي خطوة توحي بأنه ينوي تحويل الجزء البلدي إلى مركز عمل فعلي، "حتى يافطة ما حطّ"، بحسب تعبير المصدر.
وكردٍّ على هذا الإجراء، أشارت المصادر إلى أنّ عناصر الكشافة قاموا بإدخال سياراتهم كافة إلى باحة المدرسة، بمؤازرة سيارات من بلداتٍ مجاورة، في رسالةٍ مفادها أنّ الاتفاق على تقسيم المدرسة "سيُلغى إن لم يُحترم بالكامل... إمّا بالنصف أو ما إلك شي".
المفارقة أنّ الأعضاء الأربعة في المجلس البلدي المحسوبين على حركة أمل لم يكونوا على علم بالخطوة إطلاقًا، إذ تم تنظيم المحضر دون أي مشاورة معهم، وكأنّ الرئيس قرر أن يفتح معركة صغيرة داخل البيت الواحد.
وبالحديث عن التوقيت، يرى مراقبون أنّ ما يقوم به رئيس بلدية السماعية لا يخدم الثنائي الشيعي بأي شكلٍ من الأشكال، خصوصًا في لحظةٍ سياسية دقيقة تحاول فيها الدولة تنفيذ خطّتها المتعلقة بحصرية سلاح "حزب الله". فبينما المطلوب هو التهدئة والتكافل داخل البيئة نفسها، يأتي هذا السلوك ليُظهر الانقسام في أكثر صوره عبثية.
ويعلّق أحد أبناء البلدة عبر "ليبانون ديبايت" ضاحكًا: يبدو أنّ رئيس البلدية حابب يبدأ تحرير الجنوب… بس من سيارة إسعاف الرسالة!"
فيما يضيف آخر: "كان لازم يقدملها درع شكر، مش محضر ضبط!".
وهكذا، تحوّل الخلاف حول موقف سيارة الإسعاف إلى قضية رأي عام محلية، تطرح علامات استفهام حول أولويات العمل البلدي في زمن الحرب والأزمات. ويبدو أنّ رئيس البلدية وجد معركته الكبرى في "الإسعاف المخالف" برأيه، رغم تأكيد الكشافة أنّ موقع السيارة غير مخالف، بل هو المكان الأنسب للتدخل السريع عند وقوع أي حالة طارئة.