"ليبانون ديبايت"
ليس بريئاً تمرير الأخبار المفبركة التي ضجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي حول عملية اغتيال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، تماماً كما لم يكن بريئاً الاعتداء الصباحي الذي طال منطقة المصيلح. فكل ما يقوم به العدو الإسرائيلي، وفق مصادر قريبة من حزب الله، يصبّ في خانة واحدة: تهيئة الأرضية لمخطط يخدم مصالحه، سواء عبر التهويل الإعلامي أو عبر التخطيط الميداني لاستهداف بيئة المقاومة والتماسك الداخلي اللبناني.
وتوضح المصادر لـ"ليبانون ديبايت" أنّ الأخبار المفبركة التي تمّ تداولها خلال الساعات الماضية "ليست سوى جزء من الحرب النفسية التي اعتادت عليها بيئة المقاومة"، مشددة على أنّ "الخبر عارٍ تماماً عن الصحة"، وأن الهدف منه هو "إثارة البلبلة وإحباط معنويات أبناء هذه البيئة، في محاولة للنيل من صمودها وثقتها بقيادتها".
وترى المصادر أنّ توقيت بثّ الشائعة ليس صدفة، بل يتقاطع مع العدوان الإسرائيلي الذي استهدف فجر أمس منطقة المصيلح، ما يوحي بتكامل واضح بين الحرب الإعلامية والحرب الميدانية التي يشنّها العدو. وتلفت إلى أنّ "البعض حاول الربط بين الغارات الجوية الكثيفة التي شنّها العدو على المصيلح وبين هذه الشائعة، لكنّ الخبث الإسرائيلي، كما يبدو، يتجاوز مجرد التشويش الإعلامي، إذ يسعى لتحقيق أهداف أعمق تُحاك في الخفاء".
وتتوقف المصادر عند غارات الفجر التي طالت معارض الجرافات والآليات الثقيلة، معتبرة أنّها "تحمل رسالة واضحة لما ينتظر لبنان بعد اتفاق غزة"، مشيرة إلى أنّ هذا التصعيد "متوقع ويأتي في سياق الاستفزاز المقصود، سواء تجاه حزب الله أو تجاه الداخل اللبناني، بغية الضغط من خلال الأصوات التي ارتفعت مؤخراً مطالبة بنزع السلاح". فبهذا الشكل، تؤكد المصادر، "يحقق العدو هدفين في آن: استفزاز المقاومة، وإشعال الانقسام الداخلي اللبناني".
وفي هذا الإطار، تعاتب المصادر الحكومة اللبنانية على "موقفها المتفرج" تجاه التمادي الإسرائيلي المتصاعد، من اغتيال العائلة في ميس الجبل، إلى استهداف المهندسين، مروراً بجريمة بيجار التي أصيبت فيها امرأة كانت تُلاحق لحظة صعودها إلى سيارتها، وصولاً إلى استهداف المعارض وقتل العمال في المصيلح. وتشدد على أنّ "هذا الصمت الرسمي يفتح الباب أمام المزيد من التصعيد ويعطي العدو هامشاً أوسع لتنفيذ مخططاته دون رادع".
وتعتبر المصادر أنّ العدو الإسرائيلي يحاول اليوم الانتقال إلى خلق حالة توتر داخل البيئة المدنية، عبر توجيه ضربات تطال حياة الناس ومصادر رزقهم، في ما يُعتبر "مستوى جديداً من التصعيد"، بعدما كان العدو يبرر عملياته بأنها تستهدف شخصيات أو مواقع تابعة لحزب الله، فإذا بهذه الاعتداءات اليوم تُظهر زيف تلك الادعاءات.
وتشير إلى أنّه "منذ شهر ونصف تقريباً، يشهد الجنوب تحوّلاً واضحاً في طبيعة الأهداف، وقد تجلّى ذلك فجر أمس من خلال استهداف معارض الجرافات، ما يؤكد وجود تعطيل مقصود لعمليات إعادة الإعمار ورفع الأنقاض". وتضيف أنّ "إسرائيل تُظهر نوايا خبيثة في منع إعادة الإعمار، ومحاولة فرض واقع جديد في المنطقة، عبر تحويلها إلى منطقة لا تقتصر على كونها منزوعة السلاح، بل خالية من السكان أيضاً، من خلال منعهم من إعادة بناء منازلهم".
وتحذر المصادر من أنّ "الداخل اللبناني لا يدرك خطورة المشروع الإسرائيلي، ويظن أنّ حصرية السلاح ستؤدي إلى التهدئة أو الانكفاء، فيما الحقيقة أنّ العدو الذي يستهدف البنى الاقتصادية والمدنيين يسعى لإنشاء منطقة عازلة، تماماً كما فعل في سوريا".
وفي ختام موقفها، تدعو المصادر إلى تحرك رسمي عاجل، يبدأ من تقديم شكاوى دولية، مروراً بعقد اجتماع طارئ على مستوى جامعة الدول العربية، ووصولاً إلى استدعاء سفراء الدول الخمس المعنية بملف وقف إطلاق النار. وتؤكد أنّ "الخيارات الدبلوماسية والقانونية متاحة أمام الحكومة اللبنانية، إلا أنّها للأسف لم تتحرك بعد بما يثبت أنّها معنية حقاً بالجنوب وبحياة أبنائه".