"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي
أصدرت إدارة الإحصاء المركزي في لبنان، الحسابات الوطنية الرسمية لعام 2023، وأعلنت أن الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بلغ 31.6 مليار دولار، في حين كان صندوق النقد الدولي قدّر الرقم لعام 2023 بـ 24 مليار دولار فقط. وإستنادًا إلى نمو الناتج الاسمي خلال عامي 2024 و2025 (أي النمو الحقيقي مضافًا إليه التضخم)، فمن المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 43 مليار دولار في عام 2025، وهو إرتفاع كبير (اذا صحّت التوقعات) عن التقدير السابق البالغ 32 مليار دولار للعام نفسه. وبناءً على هذا، سيعتمد الصندوق الآن الأرقام الرسمية الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي.
ما ورد أعلاه، يحفّز على السؤال التالي، كيف سينعكس إرتفاع الناتج المحلي على مفاوضات لبنان مع صندوق النقد، ومع حاملي سندات اليوروبندز؟
بحسب المتابعين إرتفاع الناتج المحلي الإجمالي في لبنان، قد يكون عاملًا إيجابيًا نسبيًا في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، لكن تأثيره يبقى محدودًا إذا لم يُرافق بإصلاحات فعلية. بمعنى أن ارتفاع الناتج المحلي قد يُظهر أن بعض القطاعات (مثل الخدمات والسياحة والتحويلات) بدأت بالتعافي، وهذا يمنح إنطباعًا مبدئيًا بأن الإقتصاد قادر على إستعادة جزء من عافيته، إذا توفرت البيئة السياسية والمالية المناسبة، كما أنه يساعد في رفع القدرة على السداد نظريًا. لأن الناتج الأعلى يعني حجمًا أكبر من الإقتصاد، ما قد يُترجم إلى قدرة أكبر على تحصيل الضرائب وسداد الديون، هذا قد يُستخدم كعامل دعم في خطة التعافي أو في تقدير الفجوة المالية.
في المقابل يركز وفد صندوق النقد في مفاوضاته على تحقيق لبنان "جودة" النمو، بمعنى إذا كان النمو غير متوازن أو ناتج عن التضخم أو طباعة النقد أو سعر صرف غير واقعي، فإن الصندوق لا يعتبره نموًا مستدامًا. ويهتم أكثر شفافية المالية العامة، وإصلاح القطاع المصرفي، ضبط العجز، وتوحيد سعر الصرف، وحتى مع نمو الناتج المحلي، فإن تعثّر إقرار القوانين الإصلاحية الأربعة (الكابيتال كونترول، إعادة هيكلة المصارف، الموازنة، الشفافية المالية) يُبقي التفاوض عالقًا. إذا إرتفاع الناتج المحلي قد يُحسّن المناخ العام للتفاوض، لكنه ليس كافيًا بحد ذاته، المطلوب هو نمو حقيقي ومستدام مدعوم بإصلاحات هيكلية.
البواب : إرتفاع الناتج مؤشر على قدرة الدولة على النهوض بشكل أسرع
يشرح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم البواب ل"ليبانون ديبايت"، أن "الناتج المحلي في لبنان إنخفض في العام 2020 من 55 مليار دولار الى 22 مليار دولار، ومنذ ذلك الوقت يرتفع الناتج المحلي سنويا، وفي العام الحالي يمكن أن نصل إلى 40 مليار دولار"، لافتا إلى "أننا لا زلنا بعيدين عن 56 مليار دولار التي وصلنا إليها في العام 2018. الأرقام الأخيرة التي أعلن عنها الإحصاء المركزي، هي مفيدة للبنان لجهة تفاوضه مع صندوق النقد الدولي وحملة سندات اليوروبند، وهي موشر على أن الدولة اللبنانية قادرة على النهوض من الأزمة بشكل أسرع ، وأن الاقتصاد اللبناني ينمو بشكل أسرع وسيحسّن من موقع لبنان، أثناء المفاوضات مع الصندوق".
يضيف:"تجدر الاشارة إلى أن موجودات مصرف لبنان من العملات الاجنبية والذهب، عامل إيجابي آخر سيزيد من ميزانية مصرف لبنان وسيمكّنه من تسديد إلتزاماته تجاه المصارف والدولة تسديد ديونها للمركزي"، جازما أنه "تقنيا وإقتصاديا هناك تحسن، وتقريبا لبنان ينفذ كل الشروط المطلوبة منه من الصندوق (قوانين إصلاحية، وموازنة من دون عجز)، لكن الأمر يتعلق بالشق السياسي هل ستُقدم السلطة اللبنانية على التوقيع مع صندوق النقد أم لا، لأن الإتفاق مع الصندوق هو غطاء سياسي للبنان، يُمكن أن يُشجع الصناديق الإستثمارية والدول على منح لبنان مساعدات لإعادة الإعمار".
ويختم:"القرار السياسي هو الأهم، ولو أن تنفيذ الشروط التقنية تساعد على التوصل إلى إتفاق".