يرى الرئيس التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للسياسات، المحامي نبيل الحلبي، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنّ " الاتفاقية القضائية يجب أن تكون منفصلة عن عملية تسليم السجناء، إذ يجب أن تتم هذه العملية بعيدًا عن القنوات المعقّدة، وبدون انتظار إبرام اتفاقية قضائية بين لبنان وسوريا التي قد تأخذ وقتاً، المطلوب اليوم هو تسليم جميع المعتقلين السوريين إلى بلدهم بدون وضع عراقيل وشروط أو مطالب مضادة".
وفيما يخص ملف المعتقلين السوريين، يوضح الحلبي أنه "تمّ التوصل إلى اتفاق مبدئي يقضي بتسليم دفعة أولى من السوريين المتهمين بالانتماء إلى جماعات صنّفتها المحكمة العسكرية اللبنانية كجماعات إرهابية، مثل الجيش السوري الحر، رغم أنه غير مصنّف عالميًا كتنظيم إرهابي، غير أنّ المحكمة العسكرية، بحكم قربها من محور حزب الله والنظام السوري، اعتبرته تنظيمًا إرهابيًا، وتمّت محاكمة بعض الموقوفين على هذا الأساس، وهؤلاء سيشملهم التسليم، وينطبق الأمر نفسه على المنتمين إلى جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام، التي وصلت إلى الحكم في سوريا، مما أدى إلى رفع صفة الإرهاب عنها عالميًا".
ويضيف: "لذلك، فإن السوريين الموقوفين بتهم الانتماء إلى تلك الجماعات فقط، لا مبرّر لبقائهم في السجون اللبنانية، حيث كان يُفترض تسليمهم منذ وقت طويل، إلا أن وزارة العدل أصرت على أن يتم ذلك حصرًا عبر الأطر المنصوص عليها في الاتفاقية القضائية".
وفي ما يتعلق بالدفعات التالية، يشير الحلبي إلى أنه "بالنسبة لمن لم تصدر بحقهم أحكام، فمن الممكن أن يكملوا محكوميتهم في سوريا، باستثناء المتورطين في جرائم قتل أو اغتصاب أو ممن توجد بحقهم دعاوى شخصية من ذوي الضحايا، فهؤلاء يطالب الجانب اللبناني باستثنائهم من عمليات التسليم".
ويلفت الحلبي إلى "الزيارة التي قام بها وزير العدل السوري إلى سجن رومية، حيث التقى بعدد من السجناء السوريين، وبحسب المعطيات، أبدى السجناء ارتياحهم لهذه الزيارة، وقد اطلع الوزير السوري بشكل مباشر على أوضاعهم، وعلى ملفاتهم، التي كان على إطلاع عليها في السابق".
وعن تأثير هذه الإتفاقية على ملف الموقوفين الإسلاميين اللبنانيين، يقول: "من الطبيعي أن يكون لهذا الموضوع تأثير مباشر، إذ إن الاتهامات التي وُجهت سابقاً لعدد من الموقوفين اللبنانيين من الطائفة السنية، تتطابق مع التهم التي وُجهت إلى الموقوفين السوريين، والمتمثلة بالانتماء إلى منظمات إرهابية او دعم هذه المنظمات سبق أن أشرت إليها، لذلك، عندما يتم إخلاء سبيل موقوف سوري وتسليمه إلى بلده، يجب أن يطلق سراح الموقوف اللبناني في القضية نفسها، بدلاً من انتظار العفو العام، خاصة وأن هناك حقبة سياسية في المنطقة قد أُغلقت، إلا أن استمرار هذه الملفات عالقة في لبنان يطرح تساؤلات مشروعة حول الأسباب الكامنة خلف ذلك، فهل يعود الأمر إلى استمرار نفوذ حزب الله داخل مؤسسات الدولة اللبنانية؟ هذا سؤال أساسي لا يمكن تجاهله".
وفي ما يتعلّق بملف الشيخ أحمد الأسير، يؤكّد الحلبي أن "السجناء اللبنانيين يطالبون اليوم بمطالب قانونية وحقوقية مشروعة، أبرزها تخفيض مدة السنة السجنية وتحديد عقوبة السجن المؤبد، فالمؤبد في لبنان، بخلاف ما هو معمول به في معظم دول العالم، غير محدد المدة، ما يجعله عقوبة مفتوحة زمنيًا، من هنا، تُعد هذه المطالب ضرورية لتقليص مدة الاعتقال، وينبغي الإسراع ببت اقتراح قانون العفو العام الذي تقدّمت به كتلة "الاعتدال الوطني"، والذي يجمع بين جوانب من العفو العام وإصلاحات قانونية جوهرية تتعلق بتخفيض السنة السجنية وتحديد مدة المؤبد، بما يشكل طرحًا متوازنًا وعادلًا".
ويشدّد الحلبي في ختام حديثه على أن "الوفد السوري كان قد طالب السلطات اللبنانية بتبييض السجون في العهد الجديد، تمامًا كما فعلت سوريا، فقد آن الأوان لإغلاق هذه الحقبة الطويلة، إذ إن معظم الذين جرى توقيفهم في تلك المرحلة، كانت خلفياتهم مرتبطة بنضالهم ضد النظام السوري وضد تدخل حزب الله في سوريا، خاصة خلال أحداث عبرا وعرسال، وما شهدته منطقة الشمال، لذلك، فإن هذا الملف مترابط في عناصره القانونية والسياسية والإنسانية، ولا يمكن فصله عن الظروف التي أحاطت به في حينه، ومن الضروري اليوم إغلاق هذا الملف بما يضمن طيّ صفحة الماضي، ولكن وزير العدل اللبناني تحفّظ على هذا الطرح رغم علمه بأن الاتهامات أو الاحكام التي تم سوقها بحق الشباب السنّة في لبنان كانت مسيّسة ولم تصدر من قضاء مستقل، وكلها مرتبطة بتداعيات الاحداث السورية والحقبة الأسدية السيئة الذكر".