المحلية

محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت
الخميس 16 تشرين الأول 2025 - 07:10 ليبانون ديبايت
محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت

حملة حجب حسابات حملات التبرع للجنوبيين: قانون مالي أم تضييق سياسي مقنّع؟

حملة حجب حسابات حملات التبرع للجنوبيين: قانون مالي أم تضييق سياسي مقنّع؟

"ليبانون ديبايت"- محمد علوش


لم يمرّ قرار مصرف لبنان بدفع شركة الدفع الإلكتروني “ويش” إلى حجب عدد من الحسابات التابعة لجمعيات أهلية ومنظّمي حملات تبرّع لسكان القرى الحدودية الجنوبية مرور الكرام، خصوصاً أنّ القرار جاء في توقيتٍ شديد الحساسية، يتقاطع فيه الاقتصادي بالأمني، والمصرفي بالسياسي، في سبيل هدف واحد هو التضييق على المقاومة وبيئتها من بوابة ملف إعادة الإعمار.

على السطح، يبدو الإجراء منسجماً مع ما يُعرف في لغة الامتثال المالي بسياسات “مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”، وهي منظومة عالمية تفرضها المؤسسات المالية ومصرف لبنان على شركات الدفع والتحويل. غير أنّ خلف هذا الغطاء التقني، يمكن قراءة أكثر من بُعد في سياقٍ لبنانيّ متشابك تُعاد فيه هندسة البيئة المالية بما يتجاوز مسألة الامتثال الشكلية.


في المبدأ، لا يمكن تجاهل أنّ سياسات الامتثال تُستخدم اليوم في المنطقة كإحدى أدوات النفوذ المالي الغربي، والأميركي تحديداً. فحين تُشدّد المصارف أو الشركات الخاصة إجراءاتها، لا يكون الأمر دائماً بدافع قانوني صرف، بل نتيجة ضغوط مباشرة أو غير مباشرة من المنظومة الرقابية الأميركية، التي باتت تعتبر أي نشاط مالي غير خاضع لمعاييرها “منطقة رمادية” تستوجب العزل أو التجميد.


وبحسب مصادر مطّلعة، فإنّ حجب حسابات جمعيات محلية أو حسابات شخصية بحجّة غياب الترخيص أو عدم وضوح مصدر الأموال، يمكن أن يندرج في إطار سياسة أوسع تهدف إلى تقييد القنوات المالية المرتبطة بالبيئة الاجتماعية والسياسية لحزب الله، خصوصاً تلك التي تنشط في الجنوب أو في مشاريع إعادة الإعمار بعد الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة.


وتكشف المصادر عبر “ليبانون ديبايت” أنّ التزامن بين إجراءات مصرف لبنان والزيارات الأخيرة لوفود مالية أميركية إلى بيروت يطرح أكثر من علامة استفهام، إذ تخوض الولايات المتحدة منذ أشهر حملة ضغط ممنهجة على النظام المالي اللبناني لضمان “تجفيف” أي شبكات تمويل خارجة عن السيطرة، تحت ذريعة الالتزام بالعقوبات. وفي هذا الإطار، تتحدث المصادر عن طلبات أميركية محدّدة بتشديد الرقابة على التحويلات الداخلية والمنصّات الرقمية المحلية، وهو ما لا ينفصل عن الحديث عن مؤسسة القرض الحسن، ولا حتى عن القرار الأخير لوزير العدل بخصوص كتّاب العدل والعقوبات الأميركية. وتُرجّح المصادر أن تتصاعد هذه الإجراءات والضغوط في المرحلة المقبلة.


وترى المصادر أنّ توقيت إجراءات مصرف لبنان بعد هذه الزيارات مباشرة يوحي بأنّ المسألة ليست مجرد تطبيق داخلي لقواعد الامتثال، بل ترجمة لتوجّه سياسي محدّد يتكامل مع استراتيجية أوسع تهدف إلى تضييق الخناق على المؤسسات المالية غير التقليدية، وعلى رأسها مؤسسة القرض الحسن، التي تُعدّ البديل الشعبي الأكثر فاعلية في بيئة فقدت الثقة بالمصارف التجارية. وتشير إلى أنّ التذرّع تارةً بارتباط جمعيات بحزب الله، وتارةً بغياب التراخيص للأشخاص الذين يتولّون جمع التبرعات، يؤكد غياب المعايير الموحدة خلف هذه الإجراءات.


وبحسب المصادر، فإنّ ما يجري اليوم ليس سوى اختبار لنمط جديد من “الاستعمار المالي الناعم”، حيث يُفرض الامتثال كقانون، لكنه يُدار كوسيلة ضغط. فحين تُحجب الحسابات التي تتعامل مع جمعيات محلية أو حملات تبرّع اجتماعية، تكون الرسالة إعلاناً عن مرحلة جديدة من العقوبات غير المعلنة، التي تنفّذها الشركات الخاصة بدل الحكومات. وتلفت المصادر إلى أنّ هذه الشركات لا تملك عملياً خياراً حقيقياً في التمرّد على القرار الأميركي، نظراً إلى هيمنة النظام المالي الغربي على حركة الأموال العالمية.


كما لا تستبعد المصادر ارتباط هذه الإجراءات بما حُكي عن توقف الأموال على منصة “تيك توك” في لبنان، إذ يُتداول أنّ المنصة تحوّلت إلى وسيلة لتبادل الأموال بعيداً عن الرقابة، ما جعلها جزءاً من شبكات مالية موازية يمكن لجهات معيّنة الاستفادة منها في التحويلات.


وتشير المصادر إلى أنّ هذا الواقع يفسّر القلق من أن تكون حملة مصرف لبنان مقدّمة لسلسلة أوسع من الإجراءات قد تطال لاحقاً المنظمات المحلية وشبكات الدعم الأهلي، وصولاً إلى استهداف أي بنية مالية بديلة، بالتوازي مع الضغط السياسي القائم على ملف السلاح والمقاومة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة