ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، شدّد فيها على ضرورة بناء وعي فردي وجماعي يكرّس قوة ضامنة تمنع نشوء أي مشروع استبدادي أو سلطة متغوّلة، قائلاً إن "الله يريد منا صناعة ظروف العدالة، ونحن من يخلق ظروف الاستبداد، وكلّ له موقفه يوم القيامة". وأوضح أن المطلوب "شعب يقظ يمنع السلطة من التحوّل إلى فرعون جديد، ويمنع المال من التحالف مع السلطة كي لا يتحوّل المجتمع إلى ثمود جديدة".
وأكد أن "السلطة التي تقوم على الولاء الأعمى تبتلع الناس وتحولهم إلى سلعة عائلية وخدمات شخصية فوق ركام من المذابح الأخلاقية والمالية والاجتماعية"، داعياً إلى ترسيخ قيم الله في الحكم والحياة العامة، وإلى قيام هياكل قوة وطنية منظمة تمنع الطغيان بكل أشكاله عبر التضامن والعمل الجماعي.
وتوجّه قبلان إلى القوى السياسية والشعب اللبناني قائلاً إن "لبنان نشأ على الشراكة والتضامن الوطني، والسيادة الوطنية هي أساس وجوده وبقائه"، مؤكداً أن "أي عدوان على الجنوب أو البقاع هو عدوان على صميم لبنان"، داعياً إلى صياغة ورقة أولويات وطنية بعيدة عن الخصومات السياسية لحماية المصير الوطني.
وأضاف، "هذه اللحظة هي لتأكيد الخطاب السيادي في مواجهة إسرائيل وعدوانها، ولا أولوية أمام القوى السياسية اللبنانية أكبر من التضامن الوطني"، محذّراً من أن "التخلي عن دعم الجنوب وصموده كان سببًا لاحتلال إسرائيل للعاصمة بيروت".
وشدّد على أن "الضرورة العليا اليوم هي وحدة الهوية الوطنية والميثاقية بعيداً عن الخطاب الحزبي والطائفي"، قائلاً: "المهم أن نربح لبنان لا أن نربح العالم ونخسر لبنان، ولا نريد له إلا القوة والمنعة الداخلية".
وفي الشأن الداخلي، دعا المفتي قبلان إلى وقفة وطنية شاملة لانتشال البلد من قعر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، محذّرًا من خطر الانهيار الذي يهدد الفئات الأكثر ضعفًا، مشيراً إلى أن موازنة الدولة وغياب رؤية مالية واضحة يضعان لبنان أمام تحديات كبرى، ولا بد من تخصيص اعتمادات للبنى التحتية والقرى المتضررة في الجنوب.
وفي الشأن الإقليمي، توجّه قبلان بالتهنئة إلى صنعاء باستشهاد اللواء محمد الغماري، معتبراً أن "شهادة القادة الكبار هي سبب الانتصارات الكبيرة، ودليل على الحضور التاريخي لليمن في معارك غزة وفلسطين ومحور السيادة في المنطقة".
وفي ختام خطبته، رأى أن "لا شيء أكثر تأثيرًا اليوم من تفاهم سعودي – إيراني – تركي" قادر على إنقاذ المنطقة من "خرائط أميركية إسرائيلية تسعى إلى إحراقها بالكامل"، معربًا عن أمله في قيام تفاهم استراتيجي طويل الأمد بين الرياض وطهران وأنقرة.