في تحقيق موسّع مدعوم بصور أقمار صناعية وشهادات مباشرة، كشفت وكالة "رويترز" عن واحدة من أكثر العمليات سرية في تاريخ الحرب السورية، حملت اسمًا مشفّرًا هو "عملية نقل الأتربة"، لكنها كانت في الواقع خطة منهجية لنقل عشرات الآلاف من الجثث من مقبرة جماعية في القطيفة إلى موقع صحراوي في الضمير بهدف طمس معالم الجرائم وإخفاء المقابر قبل أي تدقيق دولي محتمل.

بحسب شهادات ضباط سابقين وسائقي شاحنات وميكانيكيين، تلقّى ضباط من القصر الرئاسي أوامر شفهية في أواخر عام 2018 لبدء تفريغ خنادق القطيفة الجماعية، حيث دُفن آلاف المعتقلين ومجهولي الهوية خلال سنوات الحرب. وأُنيطت المهمة بضابط برتبة عقيد يُعرف داخل الأجهزة باسم "أستاذ التطهير".

نمط النقل كان أربع ليالٍ أسبوعيًا لمدة عامين:
-6 إلى 8 شاحنات كبيرة كانت تتحرّك من القطيفة إلى الضمير.
-الرحلات الليلية تكررت على مدار عامين (2019 – 2021).
-الحمولة: أتربة ممزوجة ببقايا بشرية ودود وجماجم وعظام متحللة.
-التعليمات: منع مطلق لاستخدام الهواتف، والأوامر شفهية فقط.
-التهديد: أي سائق أو عامل يُشتبه في إفشائه ما يجري "يدفن في الخندق نفسه".
-وجهة الجثث: صحراء الضمير
أظهرت صور الأقمار الصناعية وتحليل خبراء الجيولوجيا الجنائية أن 34 خندقًا بطول إجمالي يقارب كيلومترين جرى حفرها في موقع عسكري صحراوي قرب بلدة الضمير، حيث دُفنت الجثث في أعمق طبقات التربة بعيدًا عن الأنظار، ثم جرى ردم الموقع وتسويته بالكامل بنهاية العام 2021.

وقال ضابط من الحرس الجمهوري لـ"رويترز": "قيل لنا حرفيًا: الضيوف جايين عالبلد… والبلد لازم تكون نظيفة." في إشارة إلى أن العملية تزامنت مع مساعٍ روسية لإعادة تأهيل النظام سياسيًا خارجيًا.