"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
من غير الممكن اليوم، وبعد انضمام حركة "حماس" إلى مسار "دونالد ترامب"، أن تُنكر أي جهة فاعلة سواء في المنطقة أو سواء في لبنان، أن تأثير إيران إلى تراجعٍ وباتجاه معاكس للتأثير الأميركي الواضح و"الوحيد"، والذي يسير على إيقاع الضربات الإسرائيلية في جنوب لبنان، أو حتى في قطاع غزة بالأمس.
وواقع سير المنطقة وفق أجندة ترامب، نتيجة خطته في غزة التي أوقفت الحرب وطرحه التفاوضي في لبنان لإعادة الإعمار، بدأ يتحوّل إلى "قَدَر" محتوم، ومن الصعب تجاوزه أو مواجهته، فيما قرّر البعض إنكاره، على الأقل في العلن، والتداول به وراء الكواليس وفي الصالونات السياسية والمقرّات الرسمية.
لا حاجة للعودة إلى مسار الحرب، يقول سفير سابق في إحدى عواصم القرار الغربية، إنما هناك حاجة في لبنان اليوم، إلى مراجعة الوقائع الجديدة في المنطقة، خصوصاً بعد انخراط الجميع في العصر الأميركي، وتهاوي الشعارات تباعاً مع الجبهات العسكرية.
ومع بدء الجدل حول الطرح الأميركي بالتفاوض لإرساء الحلول وتحديد المراحل اللاحقة لوقف العمليات العدائية وأولها مرحلة تثبيت الهدنة، يجد السفير السابق، أنه يستحيل إبداء أي انفتاح أو موافقة من قبل "حزب الله" تحديداً، على أي نوعٍ من المفاوضات، قبل أن تُبدي إيران إيجابيةً ما تجاه النقاش حول سلاح الحزب، وهو ما لم يتحقّق بعد.
ويعود السفير السابق بالذاكرة إلى الأربعينات، عندما فاوضت دول عربية، ومن بينها لبنان، بعد حرب العام 1948، حيث تم التوقيع على اتفاق هدنة في الناقورة، نصّ على وقف العمليات العسكرية واحترام الحدود، وعلى إنشاء لجنة الهدنة المشتركة لمراقبة تنفيذ هذا الإتفاق، ومنع خرق الهدنة بأي عمليات عسكرية، وهو ما يمكن أن يشكّل إطاراً اليوم لأي مفاوضات غير مباشرة يريدها لبنان الرسمي مع إسرائيل، من أجل تأمين انسحابها من التلال التي تحتلّها ووقف اعتداءاتها على لبنان، والتي تتركّز في الأشهر الماضية في الجنوب والبقاع. وبالإستناد إلى هذه الإتفاقية، بقيت الحدود مستقرّةً حتى العام 1969، عندما تحوّل الجنوب إلى "فتح لاند" بفعل "اتفاقية القاهرة"، ليدخل لبنان بعدها مدار الحروب والإجتياحات الإسرائيلية، بالتزامن مع حربٍ أهلية.
فهل تكون المفاوضات المطروحة مدخلاً إلى اتفاق هدنة جديد أو يعيد اتفاق 1949؟ يشدّد السفير السابق في معرض إجابته، على ضرورة اعتماد الصيغة السابقة التي تضمن الإنسحاب الإسرائيلي ووقف الإعتداءات الإسرائيلية التي تزداد وتيرتها في الآونة الأخيرة، على اعتبار أن اتفاق هدنة 49، يؤمن للبنان ما يطالب به المجتمع الدولي من دعمٍ لإعادة الإعمار واستعادة عافيته وإنهاء مرحلة الحرب، مع ما يشمله هذا الأمر من تطبيق للقرارات الدولية، كما للقرارات الحكومية المتعلّقة بحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وتسليم سلاح "حزب الله"، وتولّي الجيش اللبناني أمن المخيمات الفلسطينية ووضع خطٍ فاصل بين مرحلة الصراع المسلّح مع إسرائيل وواقع توظيف الساحة اللبنانية كساحةٍ للنزاعات الإقليمية والدولية، وكصندوق بريد للرسائل "المفخّخة" في المنطقة.