أعاد البلاغ العسكري لكتائب القسام، حول الحدث الذي وقع في مدينة رفح أمس، والذي زعم الاحتلال أن المقاومة نفذته واستهدفت خلاله آلية هندسية قُتل على إثرها ضابط وجندي من لواء ناحال، التذكير بقصة شهيرة حدثت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وقالت كتائب القسام في بلاغها الصادر أمس الأحد إنها "لا علم لها بأي أحداث أو اشتباكات تجري في منطقة رفح، حيث أن هذه مناطق حمراء تقع تحت سيطرة الاحتلال، والاتصال مقطوع بما تبقّى من مجموعات لنا هناك منذ عودة الحرب في مارس من العام الجاري، ولا معلومات لدينا إن كانوا قد استشهدوا أم لا زالوا على قيد الحياة منذ ذلك التاريخ".
وأكدت القسام نفيها لأي علاقة بالأحداث في تلك المناطق، مضيفة، "لا يمكننا التواصل مع أي من مجاهدينا هناك إن كان لا يزال أحد منهم على قيد الحياة".
هذا البيان أعاد إلى الأذهان قصة الضابط الياباني هيرو أونودا، الذي واصل القتال لنحو 30 عامًا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في غابات تقع ضمن حدود الفلبين الحالية، بسبب عدم وصول الأوامر من قائده بوقف القتال.
ففي كانون الأول 1944، أرسلت القيادة العسكرية للجيش الياباني الملازم أول هيرو أونودا مع ثلاثة جنود آخرين — يويتشي أكاتسو، شويتشي شيمادا، وكينشيشي كوزوكا، في مهمة لتدمير مهبط طائرات ورصيف ميناء جزيرة لوبانغ في الفلبين، لمنع قوات الحلفاء من استخدام الجزيرة. وكانت الأوامر الصارمة من قائديهم المباشرين الرائدين يوشيمي تانيغوتشي وتاكاهاشي تنص على عدم الاستسلام أو الانتحار مهما كانت الظروف.
وعند وصولهم إلى الجزيرة، مُنع أونودا ومجموعته من تنفيذ المهمة، ما سمح لاحقًا للجيش الأميركي والقوات الفلبينية بالسيطرة على المنطقة. ومع رفضه الانصياع، انفصل أونودا عن الضباط الأعلى رتبة، وانتقل مع مجموعته إلى الغابات، حيث بدأوا حرب عصابات، معتمدين على الموز وجوز الهند ومصادرة الأرز والماشية من القرى المحيطة، ونجحوا مرارًا في الإفلات من القوات الأميركية والفلبينية.
وبعد إعلان انتهاء الحرب، ألقت القوات الأميركية مناشير جوية تُعلن استسلام اليابان، لكن أونودا ومجموعته اعتقدوا أنها جزء من الحرب النفسية وواصلوا القتال. وبسبب الإنهاك، سلّم الجندي أكاتسو نفسه عام 1950، واعتبره رفاقه خائنًا. وفي وقت لاحق، قُتل شيمادا وكوزوكا في اشتباكات متفرقة حتى بقي أونودا وحيدًا في الأدغال حتى عام 1974.
في ذلك العام، التقى مغامر ياباني يُدعى نوريو سوزوكي بأونودا، وأخبره أن الحرب انتهت منذ عقود، إلا أن الأخير رفض الاستسلام بدون أمر مباشر من قائده تانيغوتشي. وعادت الحكومة اليابانية للبحث عن القائد، وبعد العثور عليه، نُقل إلى الجزيرة وأصدر أمرًا رسمياً بوقف القتال، فأعلن أونودا استسلامه بعد 28 عامًا و6 أشهر و8 أيام من انتهاء الحرب، وتم العفو عنه رسميًا في احتفال حضره الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس.
لاحقًا، أصبح أونودا معلّمًا في دورات البقاء على قيد الحياة، وحصل على وسام استحقاق برازيلي والمواطنة الفخرية، قبل أن يتوفى في طوكيو عام 2014 إثر التهاب رئوي أدى إلى قصور في القلب.