أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون عن اتفاق دفاعي تاريخي يقضي بتزويد كييف بما يصل إلى 150 طائرة مقاتلة من طراز JAS-39 "غريبن" السويدية المتطورة، في خطوة تهدف إلى تمكين أوكرانيا من تحقيق تفوق جوي استراتيجي في مواجهة روسيا خلال السنوات المقبلة.
ويأتي هذا الإعلان بعد ساعات قليلة من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع القيود المفروضة على استخدام أوكرانيا لصواريخ بعيدة المدى زوّدتها بها فرنسا وبريطانيا، ما يسمح لكييف باستهداف العمق الروسي بشكل مباشر لأول مرة منذ اندلاع الحرب. هذا التطوّر يفتح الباب لتصعيد جديد محتمل في الصراع الذي دخل عامه الرابع.
وفق تقرير نشره موقع ynet الإسرائيلي بقلم الصحافي شاي ليفي، فإن الاتفاق بين كييف وستوكهولم يشمل مذكرة تفاهم لتوسيع التعاون بين سلاحي الجو في البلدين، ويمهّد لتسليم أوكرانيا دفعة من الطائرات الجديدة خلال الأعوام القليلة المقبلة. وقال كريسترسون إن الاتفاق "قد يشمل بين 100 و150 مقاتلة"، في أكبر صفقة تصدير عسكرية في تاريخ الصناعات الدفاعية السويدية.
وأكّد رئيس الوزراء السويدي، خلال مراسم التوقيع في مصنع "ساب" للطائرات، أنّ زيلينسكي "اطّلع شخصيًا على قدرات الغريبن المذهلة"، مشيرًا إلى أنّ بلاده "ملتزمة بدراسة جميع السبل لتزويد أوكرانيا بعدد كبير من الطائرات خلال السنوات المقبلة".
الصفقة تُعدّ تحوّلًا نوعيًا في قدرات أوكرانيا الجوية، إذ ستكون هذه المرة الأولى التي تمتلك فيها كييف مقاتلات جديدة من الجيل الحديث، بعدما اعتمدت طوال الحرب على طائرات سوفياتية قديمة مثل "ميغ-29" و"سوخوي-27".
وستحصل أوكرانيا، بحسب ما ورد، على النسخة الأحدث من الطائرة "غريبن E"، على أن يبدأ التسليم في غضون ثلاث سنوات، فيما أشار زيلينسكي إلى رغبته بتسلم الدفعة الأولى في عام 2026، ما يعني أن الصفقة قد تشمل أيضًا طائرات مستعملة من طرازات "C/D" لتغطية الاحتياجات العاجلة.
الطائرة السويدية، التي صُممت لتعمل من مدارج قصيرة أو طرق سريعة، تتناسب مع الظروف العملياتية في أوكرانيا، حيث تعتمد القوات الجوية على مطارات ميدانية متنقلة لتجنّب الضربات الروسية. ووفق خبراء عسكريين، يمكن لفريق مؤلف من ستة فنيين فقط تجهيز الطائرة بالوقود والذخيرة وإطلاقها مجددًا في غضون دقائق، ما يمنحها مرونة عالية في القتال.
إلى جانب مقاتلات "غريبن"، تشمل الحزمة الدفاعية أيضًا تزويد أوكرانيا بطائرات إنذار مبكر ومراقبة جوية من طراز Saab 340 AEW&C، وهي المرة الأولى التي ستحصل فيها كييف على هذا النوع من القدرات. وقالت الحكومة السويدية إن هذه الطائرات "ستمكّن أوكرانيا من تعزيز قدرتها على كشف الأهداف الجوية والبحرية على مدى بعيد، وإدارة عمليات القيادة والسيطرة الجوية بكفاءة أكبر".
ويرى مراقبون أن هذه الصفقة تمثل نقلة استراتيجية لأوكرانيا نحو بناء سلاح جو حديث قادر على مواجهة التهديدات الروسية مستقبلاً، وتؤشر إلى انتقال الحرب من مرحلة الدفاع إلى إعادة التسلّح والتخطيط لما بعد الحرب، بدعم مباشر من الدول الغربية.
بهذه الخطوة، تصبح أوكرانيا شريكًا عسكريًا أساسياً للسويد، وتقترب أكثر من منظومة الدفاع الغربية التي تسعى من خلالها إلى تثبيت أمنها وسيادتها في مواجهة موسكو.