كشفت مقابلة جديدة عن تباين حاد بين أسلوبي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في التعامل مع الإعلام، إذ يمتنع الأول عن الرد على أسئلة الصحافة، بينما يدير الثاني خطًا مفتوحًا ومباشرًا حتى مع المراسلين الإسرائيليين.
هذه الصورة نقلتها الصحافية نيريا كراوس، مراسلة القناة 13 الإسرائيلية في الولايات المتحدة، خلال مقابلة مع بودكاست "تيك توك" التابع لموقع واللا والمعهد الإسرائيلي للصحافة. وقالت كراوس إنّ الفارق بين الزعيمين شاسع، موضحة أنّ ترامب، رجل الأعمال وشخصية تلفزيون الواقع في جوهره، يدرك قوة الإعلام ويستغلها لتوصيل رسائله، حتى لو هاجمه بعدها بدقائق، على عكس نتنياهو الذي يتجنّب الصحافيين بالكامل.
وقالت كراوس: "بينما لا يرد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الأسئلة، هناك فجوة هائلة تنشأ أيضاً في طريقة التغطية. رئيس وزرائنا لا يرد على الأسئلة، وهذا أمر جنوني".
وأوضحت المراسلة أنّ ترامب يتعامل مع الصحافيين عبر رقمه الشخصي المباشر، دون المرور بأي وسيط أو مكتب إعلامي. وكشفت أنّها نفسها تلقت مكالمة واردة من ترامب لم تتمكن من الرد عليها في حينها.
وأضافت أنّ نقطة التحول في موقف ترامب من قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة جاءت بعد أن نُقل إليه من مسؤولين إسرائيليين أن معظم الرهائن قد ماتوا، ما اعتبره رسالة مفادها أن "لا فرصة لإنجاز سياسي هنا".
وأشارت إلى أنّ هذا التحوّل لم يحدث أمام الكاميرات، بل خلف الأبواب المغلقة في منتجع مارالاغو، بعيدًا عن الأضواء، بعد الانتخابات الأميركية الأخيرة وقبل التنصيب. ومن هناك – تقول كراوس – بدأت الأمور تتسارع:
"نُشرت القصة، وبدأت عائلات الأسرى بمحاولة الوصول إلى ترامب، فيما تدخلت الطبيبة الإسرائيلية المولد ميريام أديلسون، الداعمة البارزة لحملاته، للضغط في هذا الاتجاه".
وأوضحت كراوس أنّ هذه الجهود غذّت فكرة رمزية داخل البيت الأبيض، مفادها أن إطلاق الأسرى يوم التنصيب سيمنح ترامب "لحظة ريغان" — أي إنجازًا تاريخيًا مشابهًا لإطلاق الرهائن الأميركيين في إيران عام 1981. وقالت: "لم يكن الأمر مجرد تعاطف، بل استراتيجية سياسية تتحدث بلغة ترامب بطلاقة".
وأشارت إلى أنه عندما ركز ترامب على الهدف، فعّل كل ثقله الرئاسي، وسمح لمبعوثيه جاريد كوشنر وستيف ويتكوف بالتحدث مباشرة مع حماس، في خطوة غير مسبوقة في السياسة الأميركية.
وأضافت أن إدارة ترامب شعرت بخيانة إسرائيلية عقب الهجوم الإسرائيلي في قطر، معتبرة أنّ تلك الحادثة كانت "نقطة فاصلة دفعت الأميركيين إلى طرح مبادرة سلام شاملة ووقف اللعب وفق قواعد إسرائيل".
ووصفت كراوس الرئيس الأميركي بأنه يدرك قوة التسويق الإعلامي حتى لو لم يتعمق في التفاصيل الدقيقة. وقالت إنها خلال محادثة معه قبل الإعلان عن صفقة الأسرى، شعرت بإصراره على إنجازها، مضيفة، "كان مصممًا جدًا على أن هذا يجب أن يحدث. قال لي بثقة مطلقة: سيحدث. كان يسوّقه فورًا على أنه ’إنجاز هائل‘ و’صفقة عظيمة‘ — وهذه هي طريقته المعتادة".
وفي ما يتعلق بحديث ترامب عن العفو عن نتنياهو في الكنيست، أكدت كراوس أنّ الأمر لم يكن نزوة عابرة، بل "اقتراحًا طُرح مسبقًا في محادثات مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي"، وجرى تداوله بشكل مدروس.
وقالت: "ترامب يعرف كيف يلتقط اللحظة المناسبة، يطلق الجملة، يستغل التوقيت، ويمضي قدمًا. هذا أسلوبه الدائم".
وعن اهتمام ترامب الخاص بنتنياهو، فسّرته كراوس بقولها: "ترامب يسقط على نتنياهو شعور الاضطهاد الذي يعيشه هو نفسه في الولايات المتحدة. لا يرى الاختلاف بين الأنظمة، بل يعيش وفق القصة التي يرويها لنفسه، وغالبًا ما تنتصر تلك القصة على الواقع".