كشفت صحيفة "التلغراف" البريطانية في تقرير تحليلي جديد أنّ ميليشيا "أبو شباب" المسلحة، إحدى أبرز الجماعات المناهضة لحركة "حماس" في قطاع غزة، تواجه خطر الانهيار الكامل بعدما فقدت الدعم الجوي والإسناد غير المباشر الذي كانت تتلقّاه من الجيش الإسرائيلي خلال المعارك الأخيرة.
وأوضح التقرير أنّ "ميليشيا أبو شباب"، إلى جانب عدد من العائلات المسلحة التي شكّلت مجموعات قتالية مستقلة، كانت قد عزّزت نفوذها في مناطق عدّة من القطاع خلال الأشهر الماضية، مستفيدة من الفراغ الأمني المؤقت الذي رافق انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق، ومن التوتر الداخلي داخل حركة "حماس".
غير أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل و"حماس" غيّر موازين القوى كلياً، إذ فقدت تلك المجموعات الغطاء الجوي الإسرائيلي الذي كان يشكّل عنصر الردع الوحيد أمام قوة "حماس" الميدانية، لتصبح لاحقاً عرضة لهجمات مباشرة شنّها مقاتلو الحركة لإعادة بسط السيطرة على القطاع.
وأشار التقرير إلى أنّ "حماس" اعتبرت مواجهة العشائر المسلحة، وعلى رأسها عشيرتا دغمش وأبو شباب، أولوية قصوى بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي. ففي أول عطلة نهاية أسبوع عقب إعلان وقف النار، شنّت الحركة هجوماً عنيفاً على عشيرة دغمش قرب مدينة غزة، وهي من الجماعات التي لم تتلقَّ دعماً مباشراً من إسرائيل، وانتهت العملية بـ إعدام جماعي لعناصرها أمام جمع من السكان، في مشهد وصفته "التلغراف" بأنه "صادم وأثار غضباً واسعاً على المستوى الدولي".
ومنذ ذلك الحين، اندلعت اشتباكات متقطعة لكن عنيفة بين مقاتلي "حماس" والمجموعات المسلحة الأخرى، أبرزها مجموعة ياسر أبو شباب في جنوب القطاع، التي خسرت معظم مواقعها خلال الأيام الماضية.
وأضاف التقرير أنّ هذه الجماعات أصبحت من دون حماية تقريباً وبـ قدرات تسليحية محدودة للغاية، في مواجهة ترسانة "حماس" التي تضم ذخائر شبه غير محدودة، إضافة إلى قذائف RPG وطائرات مسيّرة صغيرة تُستخدم بكثافة في عمليات الرصد والاستهداف.
وفي موازاة التطورات الميدانية، رصدت الصحيفة حملة إعلامية منسّقة تشنّها حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي مرتبطة بـ"حماس"، تنشر بشكل متواصل أخباراً وصوراً لمعارضين تمت تصفيتهم، إلى جانب مقاطع فيديو توثّق عمليات اعتقال أو إعدام مسلحين من الميليشيات المنافسة.
وأظهرت تحليلات "التلغراف" أنّ "حماس" لا تكتفي بتصفية خصومها ميدانياً، بل تستولي في الوقت نفسه على معدات ومركبات عسكرية حديثة، يُعتقد أنّ بعضها كان قد وصل أصلاً من إسرائيل إلى تلك الميليشيات خلال فترة العمليات المشتركة غير المعلنة.
وختمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أنّ ميليشيا "أبو شباب"، التي كانت تُعدّ حتى وقت قريب القوة المسلحة الوحيدة القادرة على تحدّي "حماس" داخل غزة، تفقد الآن آخر أوراقها العسكرية والسياسية، لتجد نفسها أمام مصير مشابه لعشيرة دغمش، في وقت تستعيد فيه "حماس" قبضتها الأمنية والعسكرية شبه المطلقة على القطاع بعد أشهر من الاضطراب والفوضى.