بعد بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، شنّت حركة "حماس" حملة أمنيّة واسعة استهدفت مجموعات مسلّحة عدّة تصفها بأنها "خارجة عن القانون" و"تعمل لصالح إسرائيل"، في محاولة لتأكيد أنها لا تزال صاحبة القرار والسيطرة في القطاع المنهك بالحرب.
ونشرت حماس وحدات من كتائب عز الدين القسام إلى جانب قوتي "سهم" و**"رادع"** الأمنيتين، اللتين أنشأتهما مؤخرًا، في المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية، بهدف معلن هو التصدي "للعملاء والمجموعات الإجرامية"، وفق بيان صادر عن وزارة الداخلية في غزة.
بحسب تقارير فلسطينية ودولية، تنشط في غزة أربع مجموعات مسلحة رئيسية يُشتبه بأنها تعمل بتنسيق مع الجيش الإسرائيلي أو تحت حمايته في بعض المناطق الواقعة خلف ما يُعرف بـ"الخط الأصفر".
أبرز هذه المجموعات هي "القوات الشعبية" بقيادة ياسر أبو شباب، وتضم مئات العناصر المسلّحين المنتشرين قرب معبر كرم أبو سالم جنوب شرق رفح. ووفق الباحث الفلسطيني في منظمة "أكليد" ناصر خضور، هناك ثلاث مجموعات أخرى بقيادة رامي حلس في الشجاعية، وأشرف المنسي في شمال غزة، وحسام الأسطل في خان يونس.
ويرى خضور أن هذه التشكيلات "ضعيفة تنظيميًا، لكنها تثير قلق حماس في المناطق التي لا تزال تحت إشراف الجيش الإسرائيلي".
بدورها، اعتبرت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تهاني مصطفى أن "هذه المجموعات تُعامل محليًا على أنها لصوص، وتُتهم بالتعاون مع إسرائيل، ولا تحظى بأي شرعية شعبية".
نفّذت قوة "رادع" أخيرًا مداهمة ضدّ أنصار أبو شباب في رفح، حيث اندلعت اشتباكات تزامنت مع مقتل جنديين إسرائيليين في المنطقة. وردّت إسرائيل بغارات جوية أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 فلسطينيًا في أنحاء القطاع، قبل أن تعلن مجددًا التزامها بالهدنة.
ونفت كتائب القسام أي صلة لها بالعملية، فيما أعلنت "رادع" لاحقًا أنها اعتقلت أكثر من 100 عنصر من مجموعتي أبو شباب وحلس، وضبطت أكثر من 300 قطعة سلاح بعضها "إسرائيلي الصنع".
وتؤكد بيانات المنظمة أن وحدة "رادع" نفّذت منذ وقف النار أكثر من 20 عملية أمنية، بينما وثّقت "أكليد" 15 حادثة عنف مرتبطة بها منذ حزيران 2025.
أما وحدة "سهم"، التي أُنشئت عام 2024، فوثّقت مشاركتها في 130 عملية أودت بحياة نحو 160 فلسطينيًا. ووفق الباحث خضور، تستهدف "سهم" في المقام الأول اللصوص والمتعاونين، وتُعرف "بقسوتها" وتنفيذها إعدامات ميدانية سريعة.
إلى جانب هذه المجموعات، دخلت عائلات وعشائر نافذة في غزة على خط النزاع. فقد نفّذت "رادع" عملية مباغتة في حي الصبرة ضدّ مسلحين من عائلة دغمش، بعد اتهامهم بقتل عنصرين من كتائب القسام أحدهما نجل القيادي باسم نعيم.
وانتهت العملية باعتقال العشرات من أبناء العائلة وإعدام ثمانية شبّان ميدانيًا أمام السكان. وردّت العائلة ببيان نفت فيه التعاون مع إسرائيل، لكنها أقرت بـ"تجاوزات فردية"، متهمة حماس بـ"استهداف جميع أفرادها بلا تمييز".
وبينما قبلت بعض العائلات عروض العفو مقابل تسليم أسلحتها، رفضت عشائر أخرى مقترحات إسرائيلية سابقة بتشكيل مجلس محلي لإدارة غزة بعد الحرب، مؤكدة "عدم امتلاكها الشرعية أو الرغبة في الحكم".