كشف الباحث المختص في شؤون الآثار اليمنية عبدالله محسن عن عرض تمثال نادر لرأس أميرة من سبأ ضمن مزاد تنظّمه صالة "غاليري زاكي" في العاصمة النمساوية فيينا في 21 تشرين الثاني المقبل، ضمن مجموعة تُعد من أثمن مقتنيات اليمن القديم.
ويأتي هذا المزاد في وقت تتزايد فيه عمليات تهريب وبيع الآثار اليمنية في الأسواق الدولية، وسط استمرار الحرب والفوضى التي تعصف بالبلاد منذ نحو عقد من الزمن، فيما تبقى السلطات اليمنية عاجزة عن استعادة آثارها المنهوبة رغم المناشدات المتكررة للمجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات الثقافية.
وبحسب ما نشره محسن عبر صفحته في "فيسبوك"، فإن المزاد سيضم ثلاث قطع أثرية يمنية مهمة ضمن مزاد "الآثار الجميلة والفنون القديمة"، تعود إلى مجموعات تاريخية مرموقة مثل متحف موجان للفنون الكلاسيكية في فرنسا ومتحف زيلنيك استفان للذهب في جنوب شرق آسيا، إلى جانب مقتنيات لتجّار تحف في أوروبا والولايات المتحدة.
ومن أبرز هذه القطع رأس امرأة منحوت من المرمر يُرجّح أنه يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد ويمثّل أميرة من مملكة سبأ. ويتميّز التمثال بأنف مستقيم وشفتين بارزتين وذقن مدبب وعينين لوزيتين كبيرتين، في أسلوب يعكس البراعة الفنية لحضارات جنوب الجزيرة العربية القديمة. يبلغ ارتفاع القطعة 18.5 سنتيمترًا ويزن 4 كيلوغرامات.
ويشير كتالوج المزاد إلى أن التمثال كان يُثبت على لوحة من الحجر الجيري المنقوش، ويُعتقد أنه استُخدم في طقوس جنائزية أو كشاهد قبر لأفراد من الطبقة الملكية أو النخبة في ممالك سبأ وقطبان وحضرموت.
وفقاً لوثائق المزاد، فإن ملكية القطعة تعود إلى جوزيف أوزان، صاحب معرض "ساماركاند" في باريس، الذي قال إنه اقتناها من مجموعة سويسرية خاصة، مع إقرار خطي بأنها كانت ضمن مقتنيات والده قبل عام 1971.
لكن الباحث عبدالله محسن شدّد على أن هذه الادعاءات تتكرر لتبرير بيع الآثار المنهوبة من مناطق النزاع، عبر ثغرات قانونية تتيح للمزادات "التلاعب بتاريخ الملكية لتفادي الملاحقة القانونية".
واعتبر محسن أن استمرار بيع هذه القطع في المزادات الأوروبية يشكّل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية اليونسكو لعام 1970 الخاصة بمنع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، واصفاً هذه الممارسات بأنها "جريمة نهب علني لتراثٍ إنساني لا يقدّر بثمن".
ومنذ اندلاع الحرب في 2014، فقد اليمن آلاف القطع الأثرية التي نُهبت من المتاحف والمواقع التاريخية وتم تهريبها عبر شبكات منظمة إلى الخارج. وتشير تقارير دولية إلى أن السوق السوداء للآثار اليمنية تشهد نشاطاً متزايداً في أوروبا والولايات المتحدة، وسط غياب آليات فعالة لاستعادتها.