اقليمي ودولي

العربية
الثلاثاء 28 تشرين الأول 2025 - 17:55 العربية
العربية

50 مليون دولار و"صفقة العمر"... هكذا حاولت واشنطن تجنيد طيار مادورو الشخصي

50 مليون دولار و"صفقة العمر"... هكذا حاولت واشنطن تجنيد طيار مادورو الشخصي

في واحدة من أكثر القصص الاستخباراتية إثارة منذ الحرب الباردة، تكشّفت تفاصيل محاولة سرّية نفّذها عميل فيدرالي أميركي لتجنيد الطيّار الشخصي للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بهدف استدراج الأخير إلى مكان يمكن للولايات المتحدة اعتقاله فيه مقابل ثروة طائلة وضمانات أمان.


بدأت القصة في جمهورية الدومينيكان عام 2024، عندما تلقّى العميل الفيدرالي إدوين لوبيز، وهو ضابط سابق في الجيش الأميركي ومحقق بارز في وزارة الأمن الداخلي، بلاغًا عن طائرتين رئاسيتين فنزويليتين تخضعان للصيانة في مطار “لا إيزابيلا” في سانتو دومينغو، في خرق محتمل للعقوبات الأميركية، وفق ما نقلت وكالة “أسوشييتد برس”.


وخلال التحقيق، اكتشف لوبيز أنّ من بين الطيارين المكلّفين باستعادة الطائرتين الجنرال بيتنر فيليغاس، الطيار الشخصي لمادورو وعضو الحرس الرئاسي النخبوي.


عندها وُلدت الفكرة: ماذا لو أقنعه بالانشقاق؟ ففي لقاء سرّي داخل هنغر المطار، عرض لوبيز على فيليغاس “صفقة العمر” بأن يهبط بطائرة مادورو في موقع متفق عليه، مثل بورتوريكو أو قاعدة غوانتانامو، ليقع الرئيس في قبضة الأميركيين، مقابل “ثروة كبيرة ومكانة بطولية”. إلا أنّ الطيار بدا متوتّرًا، وترك رقم هاتفه قبل المغادرة، في إشارة فُسّرت كبصيص أمل.


على مدى أكثر من عام، استمرّ التواصل بين لوبيز وفيليغاس عبر تطبيقات مشفّرة، حتى بعد تقاعد لوبيز في تموز 2025. ومع ازدياد التوتر بين واشنطن وكاراكاس، ضاعفت إدارة ترامب المكافأة للقبض على مادورو إلى 50 مليون دولار. عندها أرسل لوبيز رابط المكافأة للطيار قائلاً: “ما زلت أنتظر إجابتك”. لكن الرد لم يأتِ.


وبدا أنّ فيليغاس اختار الولاء للرئيس لا المال. فحين وصلت الخطة إلى طريق مسدود، انتقل لوبيز إلى حرب نفسية تستهدف مادورو نفسه.


وبالتنسيق مع معارضين في المنفى، نشر مارشال بيلينغسليا، وهو مسؤول جمهوري سابق في إدارة ترامب، منشورًا على منصة “إكس” يهنّئ فيليغاس بعيد ميلاده الـ48، مرفقًا بصورتين له: من لقاء هنغر المطار، وبزّيه العسكري وقد أضيفت عليها نجمة ترقية. وقد شوهد المنشور من نحو 3 ملايين شخص خلال ساعات، وأثار تساؤلات في فنزويلا حول ولاء الطيار، خصوصًا بعدما عادت طائرة رئاسية إلى كاراكاس بشكل مفاجئ بعد دقائق من نشر الصور.


بعد أيام، ظهر فيليغاس في بث رسمي إلى جانب وزير الداخلية ديوسدادو كابيو، ورفع قبضته بينما وصفه كابيو بأنّه “وطني لا يتزعزع”، نافيًا أي شبهة خيانة. وهكذا تحوّلت محاولة التجنيد إلى استعراض علني للولاء، لكنّها كشفت هشاشة الثقة داخل الدائرة الرئاسية.


تأتي هذه التطورات ضمن تصعيد أميركي واسع ضد نظام مادورو منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إذ فوّض ترامب الـCIA بتنفيذ عمليات سرّية داخل فنزويلا، وأرسل قوات بحرية وجوية إلى الكاريبي لتعقب قوارب يُشتبه في تهريبها للكوكايين. ووفق تقارير إخبارية أميركية، أسفرت هذه العمليات عن مقتل 43 شخصًا في 10 ضربات خلال الصيف الماضي.


كما واصلت واشنطن مصادرة طائرات وأصول فنزويلية في الخارج، فيما تعتبر كاراكاس هذه الإجراءات “قرصنة سياسية” تستهدف رموز السيادة.


رغم فشل خطة تجنيد طيار مادورو، فقد كشفت عمق حرب الظلال بين واشنطن وكاراكاس؛ حرب لا تُخاض فقط بالعقوبات أو التصريحات، بل عبر محاولات الاختراق من الداخل وزعزعة الولاءات.


أما مادورو، فخرج من العاصفة متمسكًا بطاقمه، لكنه يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أنّ السماء التي يحلّق فيها لم تعد آمنة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة