بعد أعوامٍ من الانكماش والأزمات المتلاحقة، يسجّل قطاع تراخيص الامتياز (الفرانشايز) في لبنان عودة ملحوظة إلى النشاط، في ما يُعدّ مؤشراً إيجابياً على بدء تعافي الحركة الاقتصادية وعودة الثقة إلى الأسواق اللبنانية، ولا سيّما في العاصمة بيروت ومحيطها.
الفرانشايز، أو نظام الامتياز التجاري، يقوم على منح شركة أو فرد حق استخدام علامة تجارية ناجحة ومنتج أو خدمة معروفة مقابل رسوم محدّدة أو نسبة من الأرباح. أي إنّ صاحب العلامة يمنح "وصفة النجاح" لمستثمر آخر ليشغّل المشروع بذات المعايير والجودة، مستفيداً من شهرة الاسم وخبرته.
هذا النظام يتيح للشركات التوسّع السريع ويفتح فرص عمل جديدة، كما يشكّل منصة آمنة لروّاد الأعمال الراغبين في إطلاق مشاريعهم ضمن أطرٍ مضمونة بدل البدء من الصفر.
وفي لقاءٍ مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أوضح رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز يحيى قصعة، أنّ هذا القطاع، رغم ما واجهه من تحدّيات قاسية خلال الأزمة الاقتصادية، يبقى من أكثر القطاعات التصاقاً بنمط العيش اللبناني.
وأشار قصعة إلى أنّ لبنان يشهد سنوياً ولادة نحو 70 مفهوماً جديداً في قطاع الفرانشايز، ما يعكس حيوية الابتكار وروح المبادرة لدى اللبنانيين.
وكشف أنّ وسط بيروت يشهد اليوم عودة لافتة للحياة، إذ يضمّ نحو 30 مطعماً ما بين مانح امتياز أو حاصل على امتياز من الخارج، مع زيادة بنسبة 15% في طلبات الرخص الجديدة، وهو ما يدل على ازدياد الثقة بالقطاع وحيويته.
وأضاف أنّ المطاعم تشكّل نحو 48% من العلامات التجارية العاملة ضمن الفرانشايز، فيما يسجّل قطاعا الأزياء والسلع الفاخرة نمواً مطّرداً، إذ يوجد حالياً 63 متجراً تعمل في هذا المجال و51 متجراً جديداً قيد التجهيز لافتتاحها خلال العام 2025.
وأوضح أنّ هذا الزخم مرتبط مباشرة بعودة النشاط إلى أسواق بيروت ومحيط سوليدير، حيث تتزايد حركة الزوار وافتتاح المتاجر والمقاهي الجديدة، ما يعزّز الثقة بمستقبل السوق اللبنانية.
وقال قصعة: "لدينا اليوم أفكار لبنانية صافية باتت تنافس العلامات الأجنبية، وهذا دليل على أن اللبناني ما زال يمتلك الجرأة والإبداع لإعادة تموضع هذا القطاع الحيوي".
وأشار إلى أنّ عدد الوظائف المباشرة وغير المباشرة في قطاع الفرانشايز يبلغ حالياً نحو 80 ألف وظيفة، متوقعاً أن يرتفع العدد إلى 100 ألف في المرحلة المقبلة مع توسّع النشاط التجاري، فيما تسجّل نسبة النمو السنوي للمبيعات بين 10 و15%، ما يعكس تعافياً جزئياً في الحركة الاقتصادية.
ولفت قصعة إلى أنّ لبنان خسر عدداً من الكفاءات المدرَّبة التي غادرت خلال الأزمة، "لكن عدداً كبيراً منها بدأ بالعودة مؤخراً، على أمل أن يستقرّ الوضع الأمني والاقتصادي"، مشيراً إلى أنّ الجمعية تتابع أيضاً فرص التوسّع في السوق السورية، التي قد تشكّل مجالاً طبيعياً في حال رُفعت العقوبات بشكل نهائي.