اقليمي ودولي

24
الأحد 02 تشرين الثاني 2025 - 19:50 24
24

تحول في الانتخابات البرلمانية... هولندا تمهّد الطريق لأصغر رئيس وزراء في تاريخها

تحول في الانتخابات البرلمانية... هولندا تمهّد الطريق لأصغر رئيس وزراء في تاريخها

شهدت هولندا تحولاً سياسياً لافتاً في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت الأربعاء، حيث تراجع نفوذ اليمين المتطرف لصالح القوى الوسطية واليسارية، في ما يمهّد الطريق أمام السياسي الشاب روب يتين ليصبح أصغر رئيس وزراء في تاريخ البلاد.


وأظهرت النتائج منافسة محتدمة بين حزب الحرية (PVV) بزعامة خيرت فيلدرز، وحزب الديمقراطيين (D66) بقيادة يتين، وسط رفضٍ واسع من الأحزاب للتحالف مع فيلدرز، ما أتاح للوسط واليسار فرصة لتشكيل حكومة جديدة تُعيد التأكيد على قيم الانفتاح والتعددية الأوروبية.


وبحسب النتائج الأولية، يُتوقّع أن يحصد حزب فيلدرز 26 مقعداً من أصل 150، بانخفاضٍ قدره 11 مقعداً مقارنة بانتخابات 2023، في حين حقّق حزب D66 مكاسب كبيرة تُؤهّله لتشكيل ائتلاف حكومي، ما يعني أنّ إعلان الحكومة الجديدة سيستغرق أياماً ريثما تُحسم المفاوضات بين الكتل السياسية.


عبّر أنصار حزب D66 عن فرحتهم العارمة في مراكز الاقتراع، معتبرين أنّ النتائج تمثّل هزيمة للشعبوية اليمينية ورسالة واضحة على قدرة الناخب الهولندي على إعادة السياسة نحو الاعتدال والعقلانية.


وفي المقابل، أبدى فيلدرز خيبة أمله مؤكداً تمسكه بمبادئه واستمراره في العمل السياسي، رغم رفض الأحزاب الأخرى التعاون معه.


وقال المحلل السياسي المقيم في لاهاي عزّت نمر، إنّ انتخابات 2025 لم تكن صادمة كما حدث في 2023 حين صعد اليمين المتطرف بشكل مفاجئ، موضحاً أن الناخب الهولندي عاد إلى يمين الوسط ولم يمنح الشعبويين تفويضاً مطلقاً، في ما يعكس وعياً ناضجاً في التعامل مع القضايا الداخلية.


وأضاف نمر أن التوازن النسبي بين D66 وحزب الحرية PVV يظهر أنّ المفاجأة الكبرى كانت في 2023، بينما جاءت انتخابات 2025 أكثر استقراراً واتزاناً.


وأشار نمر إلى أنّ قضايا الهجرة واللجوء ونقص المساكن كانت العوامل الحاسمة في نتائج الانتخابات، موضحاً أنّ الناخب الهولندي أصبح أكثر وعياً بتأثير هذه الملفات على حياته اليومية، ولم يعد ينجرف خلف الشعارات الشعبوية، بل صوّت للأحزاب التي تقدّم حلولاً واقعية.


وأكد أن الناخبين فضّلوا توزيع الأصوات بين أكثر من حزب لتجنّب هيمنة طرف واحد على السلطة، وهو ما يعكس عقلانية سياسية فريدة في المجتمع الهولندي.


وأوضح نمر أنّ تشكيل الحكومة المقبلة لن يكون سهلاً، نظراً لتعقيد المشهد وتنوّع القوى السياسية، مشيراً إلى أنّ الأغلبية المطلوبة تبلغ 76 مقعداً من أصل 150، وهو ما يجعل بناء تحالف متماسك مهمة دقيقة.


وطرح نمر ثلاثة سيناريوهات رئيسية لتشكيل الائتلاف: تحالف D66 مع أحزاب VVD، CDA، GroenLinks-PvdA — وهو الأقرب نظرياً لكنه يتطلّب تنازلات صعبة. وتحالف D66 مع VVD، CDA، JA21 — ويواجه خلافات أيديولوجية عميقة.


حكومة أقلية تضم D66، VVD، CDA — تعتمد على دعم مؤقت من اليسار أو اليمين، وهو خيار محفوف بالمخاطر.


وأشار نمر إلى أنّ حزب الحرية لم يختفِ من المشهد، لكنه فقد 11 مقعداً بسبب رفض الأحزاب التعاون معه وسلوكه السياسي الذي أطاح بالحكومة السابقة. وأضاف أن النتائج لا تعني انهيار اليمين، بل عودة الوسطية بعد موجة الاستقطاب التي أعقبت أحداث 7 تشرين الأول 2023.


وأوضح أن الناخب الهولندي أصبح أكثر حصانة ضد الحملات الإعلامية الشعبوية، واختار الواقعية بدلاً من الانفعال، ما أفقد اليمين المتطرف جزءاً من زخمه.


وبيّن نمر أنّ تأثير القضية الفلسطينية كان محدوداً هذه المرة بعد الاتفاق الأخير في غزة، إذ ركّز الناخبون على الملفات الداخلية، معتبرين أنّ الانتخابات الحالية أعادت التوازن السياسي، ومنحت كلّ الأطراف فرصة للتواجد دون تفوّق ساحق لأي طرف.


توقّع نمر أن تعتمد توجّهات الحكومة الجديدة في ملفات الهجرة واللاجئين والسياسة الخارجية على طبيعة التحالف الذي سيتشكّل، مؤكداً أنّ السياسة الهولندية ستبقى عقلانية ووسطية، وستبحث عن حلول تضمن استقرار الدولة وتقدّمها، بعيداً عن المزايدات الشعبوية أو الخطابات المتطرفة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة