اقليمي ودولي

العربية
الثلاثاء 04 تشرين الثاني 2025 - 16:49 العربية
العربية

احتمى الفلسطينيون بالموتى... مقابر غزة تتحول إلى بيوتٍ للأحياء

احتمى الفلسطينيون بالموتى... مقابر غزة تتحول إلى بيوتٍ للأحياء

احتمى عشرات الفلسطينيين بالمقابر في خان يونس جنوب قطاع غزة، بعدما لم يجدوا مكانًا آخر يقيهم من ويلات الحرب. هناك، بين شواهد القبور وتحت خيامٍ مهترئة، تعيش عائلاتٌ بأكملها منذ أشهرٍ طويلة في مشهدٍ يلخّص أقصى درجات المأساة الإنسانية.


في مقبرةٍ متربةٍ تلفحها شمسٌ خانقة، نصبت ميساء بريكة خيمتها إلى جانب نحو 30 عائلة نازحة أخرى. تحوّلت القبور إلى مقاعد وطاولات، وصار الأحياء جيرانًا للموتى. تقول بريكة بصوتٍ متعب وهي تحدّق في أطفالها الأربعة: "حين تغيب الشمس، يخاف الصغار من الكلاب... ومن الأموات أيضًا".


فقدت بريكة منزلها في الحرب، وتؤكّد أنّ العودة إلى حيّها مستحيلة لأن القوات الإسرائيلية لا تزال تسيطر على المنطقة. مثلها كثيرون نزحوا من الشمال والوسط إلى الجنوب، ليجدوا في المقابر ما يشبه المأوى الأخير.


على مقربةٍ منها، يجلس محمد شما فوق شاهد قبرٍ مكسور، يتأمل الغروب ويقول: "أنا رجل بالغ، ومع ذلك أرتجف ليلًا من الخوف. لم أجد مكانًا آخر أذهب إليه، فجئت بعائلتي إلى هنا ومعي فقط 200 شيكل... لا شيء غيرها".


أما زوجته حنان، فتغسل الأطباق في وعاء صغير وتقول: "الحياة بين القبور مليئة بالخوف والقلق. لا نوم ولا أمان، لكننا نحاول البقاء على قيد الحياة".


في المقبرة، تتدلّى سجادة صلاة على حبل غسيل، وطفلٌ يدفع غالون ماء على كرسيٍّ متحرّك بين القبور، فيما يتصاعد دخان الطهي من نارٍ صغيرة. مشاهد تجعل الموتى شهودًا على حياةٍ ترفض أن تنطفئ.


وبحسب الأمم المتحدة، قُصفت مقابر في غزة خلال الحرب، بعدما زعمت إسرائيل أنّ بعض الفصائل استخدمتها كغطاءٍ عسكري، ما جعلها تفقد حمايتها. حتى هنا، لا أمان كامل للنازحين الذين لجأوا إليها هربًا من القصف.


ومع بدء وقف إطلاق النار في 10 تشرين الأول، بقيت آلاف العائلات في أماكن نزوحٍ غير صالحة للحياة، إذ دمّرت الحرب أكثر من 70% من المساكن والبنى التحتية في القطاع، وبلغ عدد القتلى أكثر من 68,800 شخص، بينهم المئات الذين انتُشلوا من تحت الركام بعد الهدنة.


ورغم الصمت الذي يخيّم ليلاً على المقبرة، تبقى أصوات الأطفال وصدى صلوات الأمهات شاهدةً على حياةٍ تصرّ على البقاء وسط الموت.


يقول محمد شما في ختام حديثه: "بعد الهدنة، حياتي لم تتغيّر... ما زلت أعيش بين القبور، ولم أكسب سوى الخوف".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة