كشفت مصادر قناتي "العربية" و"الحدث"، اليوم، تفاصيل جديدة عن القوة الدولية التي تعمل الولايات المتحدة على تشكيلها لنشرها في قطاع غزة، في إطار خطة تهدف إلى تثبيت الاستقرار الأمني وتنفيذ الهدنة القائمة.
وبحسب المصادر، فإنّ القوة ستكون تحت قيادة موحدة وتعمل بالتعاون مع مصر وإسرائيل، على أن تُسند إليها مهام نزع السلاح وضمان الأمن الداخلي والحدودي في غزة، إلى جانب شرطة فلسطينية مدرّبة حديثًا.
وأكدت المصادر أن القوة الدولية ستكون مخوّلة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتنفيذ مهامها، بما في ذلك تدمير البنية العسكرية في القطاع ومراقبة وقف إطلاق النار، إضافةً إلى المساهمة في تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية.
كما ستعمل القوة على حماية المدنيين والإشراف على العمليات الإنسانية، وسيتم تمويلها من جهات مانحة وحكومية دولية. ووفق المصادر ذاتها، فإنّ القوة ستتولّى أيضًا ضمان نزع سلاح حركة "حماس" بشكل دائم ودعم قوات الشرطة الفلسطينية في مهامها الأمنية.
وفي سياق متصل، كان موقع أكسيوس الأميركي وصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قد أشارا إلى أن الولايات المتحدة قدّمت إلى مجلس الأمن مشروع قرار لإنشاء آلية حكومة انتقالية دولية في غزة، تشمل قوة استقرار تعمل بالتنسيق مع مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل.
يرى الخبير العسكري المصري اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير أن المشروع الأميركي يأتي في إطار المرحلة الأولى من الهدنة الموقعة في قمة شرم الشيخ في 13 تشرين الأول، والهادفة إلى ضمان الاستقرار الميداني ومنع أي تصعيد جديد، تمهيدًا لمرحلة ثانية أكثر تعقيدًا تتعلق بـنزع سلاح حماس وتفكيك بنيتها العسكرية.
وأوضح كبير أنّ المشروع يعكس أيضًا بصمة مصرية واضحة، إذ سبق للقاهرة أن توصلت في أيلول 2024 إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس ينصّ على خروج حماس من المشهد السياسي بعد الحرب وتسلّم السلطة الفلسطينية إدارة القطاع عبر "لجنة الإسناد المجتمعي" المؤلفة من 15 تكنوقراطيًا فلسطينيًا.
وأضاف أنّ تشكيل لجنة دولية جديدة لإدارة غزة قد يثير جدلاً حول طبيعة المشاركين وجنسياتهم، وهو ما قد تواجهه حماس بالرفض إذا اعتبرت أن القرار يتجاوز تفاهمات القاهرة السابقة.
من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدولي العام الدكتور محمد محمود مهران أنّ المشروع الأميركي "يمثل خطوة إيجابية نحو استقرار غزة"، لكنه شدد على ضرورة تضمينه ضمانات قانونية واضحة تحافظ على سيادة الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير.
وأوضح مهران أن المشروع يقترح إنشاء قوة أمن دولية (ISF) تعمل لمدة عامين على الأقل حتى نهاية 2027، مع صلاحيات تنفيذية واسعة تشمل استخدام القوة عند الضرورة، وتأمين الحدود، وحماية المدنيين والممرات الإنسانية، وتدريب شرطة فلسطينية جديدة، ونزع سلاح الجماعات المسلحة، والإشراف على الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من القطاع.
كما ينص المشروع على إنشاء "مجلس السلام في غزة" برئاسة الرئيس ترامب، ليكون بمثابة إدارة انتقالية تشرف على إعادة الإعمار وجمع التمويل، إلى جانب لجنة فلسطينية تكنوقراطية لإدارة الخدمات المدنية.
وأكد مهران أن نجاح المشروع مرهون بتوفير ضمانات حقيقية تحمي الحقوق الفلسطينية وتمنع تحويل القوة الدولية إلى أداة للهيمنة أو حماية المصالح الإسرائيلية، مشددًا على ضرورة مشاركة عربية وفلسطينية فعّالة في القوة وفي مجلس السلام، ووجود جدول زمني واضح لانسحاب إسرائيل الكامل من القطاع.
كما دعا إلى ربط نزع السلاح بالانسحاب الإسرائيلي لا العكس، وتفعيل الدور المصري المحوري لضمان حماية المصالح العربية ومنع أي انحراف عن أهداف المشروع الأصلية.
وحذّر خبراء من عقبات محتملة في تطبيق المشروع، أبرزها معارضة إسرائيلية لأي دور فاعل للسلطة الفلسطينية، وخلافات داخلية فلسطينية حول المشاركة في الإدارة الانتقالية، إضافةً إلى تحديات التمويل وإعادة الإعمار بعد الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب.
كما نبّه مهران إلى ضرورة ألا تتحوّل الإدارة المؤقتة إلى إدارة دائمة تمنع عودة السلطة الفلسطينية، مشددًا على أنّ الهدف النهائي يجب أن يبقى تحقيق حلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة.