وتُظهر المقاطع المتداولة انخسافًا واضحًا في طبقة الإسفلت على المسرب البحري، حيث علقت داخل الحفرة الناتجة عن الانهيار سيارتان على الأقل، قبل أن يتم سحبهما تباعًا وسط حالة من الهلع لدى السائقين والعابرين.
هذا المشهد ليس جديدًا على اللبنانيين، ولا على سكان خلدة تحديدًا. ففي عام 2019، وعلى بُعد كيلومترات قليلة من الموقع الحالي، شهدت الطريق البحرية نفسها حادثة مماثلة أدّت إلى انخساف الطريق ووقوع سيارة داخل الفجوة، ونجاة سائقها بأعجوبة. ستّ سنوات مرّت بين الحادثتين، لم تكن كافية – لا لوزارة الأشغال، ولا للجهات المعنية، ولا للمتعهدين – لإجراء فحص جدّي للبنى التحتية أو وضع خطة صيانة تقي من تكرار الكارثة نفسها.
اليوم، السؤال يفرض نفسه بوضوح: من المسؤول؟
هل هي وزارة الأشغال العامة والنقل؟ أم المتعهّد الذي يواصل تنفيذ المشاريع نفسها رغم سجلّه الحافل بالإخفاقات والتشققات والانهيارات؟ أم أنّ المسؤولية مشتركة، حيث تُنفَّذ المشاريع باستهتار كامل دون مراعاة للشروط العامة المفروضة في تنفيذ مشاريع مماثلة؟
انهيار خلدة ليس لطريق عام فحسب، بل هو تجسيد لانهيار منظومة الصيانة والرقابة في الدولة اللبنانية، منظومة تهدّد سلامة المواطنين يوميًا وتكشف حجم الإهمال المزمن الذي يأكل البنية التحتية قطعةً بعد أخرى، فيما السلطات تتفرّج.
المطلوب اليوم ليس بيانًا للاستهلاك الإعلامي، ولا لجنة تحقيق تُنشأ لتبادل الاتهامات، بل فتح تحقيق فوري وشفاف يحدّد بدقّة مسؤولية الوزارة والمتعهّد، إضافةً إلى معالجة سريعة بعيدة عن سياسة الترقيع "المعروفة" كما حصل سابقًا، وإلزام المتعهّد بكافة الأضرار الناتجة عن عمله المستهتر.
هذه مسؤولية وزارة الأشغال، لا سيّما أنّها طريق دولية، وبالتالي على وزير الأشغال فايز رسامني المبادرة إلى الطلب من الجهات المختصّة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقّ المسؤولين عن هذه الفضيحة.