في الآونة الأخيرة، تكرّرت حوادث الاختناق المرتبطة باستخدام دفايات الغاز، لا سيّما عند تشغيلها داخل غرف مغلقة أو أثناء النوم، ما يؤدي إلى انبعاث غاز أول أكسيد الكربون، وهو غاز سامّ وقاتل لا لون له ولا رائحة.
وتبدأ العوارض عادة بدوار خفيف أو صداع أو نعاس مفاجئ، قبل أن تتفاقم سريعًا إلى فقدان الوعي من دون أن يشعر المصاب بما يحدث، لينتهي الأمر أحيانًا بوفاة صامتة ومفجعة، غالبًا فيما يكون أفراد العائلة نائمين في المكان نفسه.
ولا تقتصر الخطورة على سوء الاستخدام فحسب، بل تمتد إلى نوعية الدفايات المتداولة في الأسواق. فقد حذّرت جهات مختصة عبر "ليبانون ديبايت" من انتشار دفايات غاز رديئة أو مجهولة المصدر، تفتقر إلى أنظمة الأمان الأساسية، ما أدّى في عدد من الحالات إلى تسريبات غير ملحوظة أو أعطال قاتلة أودت بحياة مستخدميها. ويشكّل إغراء السعر الأرخص عاملًا أساسيًا في هذه المجازفة، إلا أنّ هذه "الوفرة" قد يكون ثمنها حياة كاملة.
وفي هذا السياق، يشدّد خبراء السلامة على ضرورة التزام المواطنين بإجراءات الوقاية الأساسية، وفي مقدّمها عدم تشغيل دفايات الغاز أثناء النوم أو في غرف مغلقة، وضرورة تأمين تهوية دائمة عبر ترك نافذة أو باب مفتوح جزئيًا. كما يُنصح بالتأكّد دوريًا من سلامة الخرطوم والمنظّم، وعدم وضع الدفاية بالقرب من الستائر أو المواد القابلة للاشتعال، فضلًا عن إطفائها فور الشعور بأي عارض غير طبيعي.
كذلك، يؤكّد المختصون أهمية شراء دفايات معروفة المصدر ومطابقة للمواصفات، وعدم التعامل مع الغاز كوسيلة تدفئة آمنة بشكل مطلق أو كأداة يمكن استخدامها بلا رقابة. فالوقاية في هذا المجال ليست خيارًا، بل ضرورة لحماية الأرواح.
التدفئة حقّ طبيعي في قساوة الشتاء، لكن السلامة تبقى أولوية لا تحتمل التهاون. دفاية الغاز ليست لعبة، وأي إهمال في استخدامها قد يكلّف حياة أغلى ما نملك. فلنُحسن الاختيار، ولنستخدمها بوعي ومسؤولية، حمايةً لأنفسنا ولعائلاتنا، كي يبقى الدفء نعمة لا نقمة.